المطلب الأول : مكانة المرأة في المجتمعات الأولى. ويمكننا تقسيم هذا المطلب الى قسمين رئيسيين هما : القسم الاول : مرحلة الأموميّة : وفي إطار هذه المرحلة تُعتبر السلطة حقًا طبيعيًا للمرأة، حيث يُنظر إلى الأنثى على أنها الأصل , وبهذا تصبح قضية المرأة جزءا لا يتجزأ عن قضية المجتمع كله، فإذا ما رجعنا إلى أقدم ما نعرف من عصور التاريخ، صورة عن المرأة في المجتمعات القديمة في كتابه "حق الأم "، الذي يشير فيه إلى (المكانة التي كانت تحتها المرأة، وما كانت تتمتع به من قوة سياسية وقانونية، فمنذ أن صنع الإنسان أدواته الحجرية الأولى، وبنى مساكنه كانت المرأة إلى جانبه. ففي حقول القمح الأولى، وقفت المرأة إلى جانبه، يدا بيد بعد أن لهثت معه وراء اللقمة النادرة)[ شومان، ويشير بعضهم إلى أن مكانة المرأة كانت أقوى من مكانة الرجل في المجتمعات البادية عند نشأة الحضارة، وذلك لأن (المرأة البدائية الأولى قلما كانت تعني بالبحث عمن يكون والد طفلها، وهي لا تنتمي إلى زوج بل إلى أبيها أو أخيها وإلى القبيلة؛ لأنها دائماً تعيش مع هؤلاء وهؤلاء هم كل الأقارب الذكور الذين يعرفهم الطفل على أنهم ذوو قرابة، وتشير الدراسات الى ان البشرية مرت ومنذ العصور التاريخية القديمة تعيش كجماعات صغيرة في كهوف ومغاور جبلية ضمن العلاقات المشاعية البدائية والاسترقاق وعبر مراحل زمنية طويلة من عدم الاستقرار النسبي , وبهذا تبوأت المرأة مكانة خاصة بسبب (إنجابها الأطفال في الوقت الذي كان الرجال يجوبون الغابات والوديان والجبال بحثا ً عن المواد الغذائية من الفواكه وثمار الأشجار الطرية والجافة عبوراً إلى مرحلة الصيد والرعي , ثم جاءت مرحلة الزراعة البدائية والتي كانت نتيجة مبادرة المرأة وابتكارها لها على نحوٍ منفرد وبدء الانتقال من موقع إلى آخر وحسب خصوبة الأرض ووفرة مصادر المياه وظهور القرية الزراعية البدائية)[ فريدريك، مما أدى إلى زيادة مكانة المرأة ضمن التجمعات السكنية الجديدة لأسباب عدة منها ( إنجاب الأطفال والعناية بهم وكانت المرأة تحترف وظيفتين أساسيتين – وظيفة إنتاج الحياة ويقصد بها البشر)[السيد جاسم، ووظيفة الزراعة أي بدء استثمار الأرض كإنتاج اقتصادي مما أدى إلى ارتقاء مكانتها في هذه المرحلة إلى مستوى اكتساب النفوذ ( السلطة المركزية لأول مرة, في المجتمعاتِ البدائيّةِ والتي كانت تسمى مرحلة (الأموميّة)، وتشكيلِ تفاصيل الأدوارِ على اختلافاتها. تُعتبر السلطة حقًا طبيعيًا للمرأة، حيث يُنظر إلى الأنثى على أنها الأصل. ورغم أن المرأة تُعتبر من الناحية الفسيولوجية أضعف من الرجل منذ البداية، إلا أنها كانت تتمتع بمكانة رفيعة في الأسرة والمجتمع والسلطة خلال مراحل حضارية قديمة من تاريخ البشرية. تمكنت من التغلب على القوة الفسيولوجية للرجل؛ إذ تُشبه المرأة في هذه النظرية الطبيعة والأرض، وبعد (طور الأمومة ) في انتساب الأولاد إليها قبل انتسابهم إلى الرجل بفترة طولية, أهلتها هذه الحقبة كامتياز لاستحقاق زمني ليمتد نفوذها الإداري إلى خارج المسكن إلى جانب تمتعها بسلطة ربة البيت مما اكسبها الخبرة الواسعة في مجالات الحياة اليومية نسبيا ً إذ كان الرجل ولازال متفرغا ً لجني القوت اليومي كما جاء سابقا!. القسم الثاني : مرحلة تأليه الانثى : إن تأليه المرأة في العصور الأولى من التاريخ، يعود من جانب - إلى ما كانت تتمتع به بعض النساء من صفات شخصية نادرة، في وقت لم تكن ثمة حاجة ملحة إلى قوة الرجال لعدم وجود المشاحنات والحروب والصراعات على الحكم و الثروة التي استوجبتها الحضارات الأولى. والسبب الرئيسي في جعل (الآلهة الانثى) : يكمن في أثر اكتشاف الزراعة بشكل عميق على النظام الروحي والديني للإنسان البدائي، نظراً لما كانت تتمتع به من قدرات كان يعتبرها خارقة، ظهرت الإلهات الأم في مناطق النيوليت في تواتر واضح ببصمات كل مرحلة، وهي الحكمة التي كانت سر نجاح "زيوس"، بأنها تمتلك من الحكمة أكثر مما تمتلكه جميع الآلهة مجتمعة, تعود إلى آلهة الحكمة "صوفيا". وتشير الدراسات الفنية إلى هذا الجانب من خلال تصوير المرأة "صوفيا" جالسةً، وتاج مكون من ثلاثة رؤوس أنثوية يزين رأسها، بينما يحيط بها الفنانون والأدباء والفلاسفة يستلهمون منها الوحي)[ هزيودوس ، كما كان للمرأة دور بارز في السيطرة الدينية على عالم مليء بالأسرار والخفايا، بالإضافة إلى كونها آلهة الأم، وكانت الألواح السومرية تطور الآلهة الأنثى ( شمس ) آلهة العدالة والمساواة في (سومر ) بلاد الرافدين، وهي تمر في مركبة حول العالم لترى أعمال الناس فوق، وكانت تنادي بكل ما هو أخلاقي، وتدعو إلى قيم الحق والعدل والحرية. وعليه فأن العصور البدائية تُعتبر فترات ذهبية للمرأة بشكل عام وللزوجة بشكل خاص، بدأ الرجل بفرض سيطرته على المجتمع، مما أدى إلى سلب المرأة حقها في انتساب الأولاد إليها، أدت إلى افتراق الرجل عن المرأة في العمل والنظرة والحياة، بحيث لم يعد يصح القول أن تاريخهما تاريخ واحد !.