اهتمت الفلسفة في بداياتها الأولى بالمعرفة في شكلها الكلي وفي شموليتها، حيث كان من المستبعد أن يتعامل الفلاسفة الأوائل مع المعرفة كجزر منعزلة أو من منطلق خصوصية كل معرفة على حدا، ففي آخر المطاف المعرفة هي نتاج تفاعل الإنسان مع ذاته ومع العالم المحيط به، هو على العموم ارتباط المعرفة بوضعيتين أساسيتين: الأولى تؤسس لبداية خروج الإنسان من ذاته في اتجاه دراسة الظواهر الطبيعية الخارجية، والثانية تروم الاستفادة من التقدم الذي شهدته تجربة الخروج هذه في العودة إلى محاولة تفسير كل ما هو ذاتي، فيما نتج عن الثانية ما يعرف الآن بالعلوم الإنسانية والاجتماعية كعلم الاجتماع وعلم النفس. كالارتباط على مستوى إشكالية الموضوعية وحاجة العالِم إلى عدم إسقاط ذاته وآرائه على الظواهر المدروسة، بالإضافة إلى كون الفلاسفة في ما يتعلق بأسس هذه المعرفة، قد اختلفوا كل حسب وجهة نظره و توجهه، لكنهم على العموم وفي التقليد الفلسفي المعروف قد انقسموا إلى ثلاث توجهات كبرى، وهو التوجه الذي يسمى عموما بالتيار العقلاني الذي نجد على رأسه أفلاطون ثم ديكارت ثم ألبرت أينشتاين. أما التوجه الثاني فهو التيار التجريبي، الذي يؤكد على محدودية العقل وقدرته على إنتاج معرفة بعيدا عن التجربة الحسية، والذي من أهم فلاسفته نجد كل من أرسطو و جون لوك ثم فلاسفة حلقة فيينا أو الوضعية المنطقية في بيانها « البيان المنطقي للعالم »، الأمر الذي يضعنا أمام إشكاليات إبستيمولوجية معرفية كبرى يمكن صياغتها كالتالي: