تصنع المتنبي للأفكار والصيخ الفلسفية من أهم الوسائل التى كان يستخدمها المتنبي وغيره من الشعراء في هذه فقد كان يحاول أن يستوعب الأفكار وإن الإنسان ليحس دائماً عند المتنبي أنه كان يبحث عن صيغ ولكنه لم يكتف بأن يخضع هذا البحث لتجاربه الخاصة في التعبير إذ ذهب يقترض طائفة من الصيغ المذهبية أو الفلسفية ، أما القيود التي جاء بها المتنبي فلم تكن هذا الجانب الثقافى على الدرب الذى مهده أبو تمام، فقد رأيناه يستخدم الثقافة أما المتنبي فقد نقل كثيراً من الأفكار والعبارات فالباحث يحس دائماً بمكانها وأنها اجتلبها الشاعر ليدل على ثقافته وليحقق لنفسه ما يريد من الجديد في صناعته . فهم يذكرون أن الصاحب بن عباد ألف رسالة لفخر الدولة بن ( بويه ) جمع فيها من شعر أبي الطيبب زهاء ثلاثمائة وسبعين بيتاً تجرى مجرى الأمثال ، صناعته له في الأمثال خصوصاً مذهب يسبق به أمثاله (١) ، فالصاحب يحس بأن المتنبي له مذهب خاص فى صناعة الحكم والأمثال ، فمن قبله لم يكن الشعراء يعدلون بشعرهم إلى كثرة الحكم والأمثال التي نجدها عنده على غير الإلف والعادة ، ولم يكن المتنبي يأتى بهذه الحكم والأمثال من تجاربه بل كان أيضا يقترض أطرافاً منها من الفلسفة، فكتب الحاتمى رسالة يبين فيها كيف استغل صاحبنا حكم أرسطو فمن ذلك قوله : لعل عنبك محمود عواقبه فربما صحتِ الأجسام بالعليل ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر وأصله عند أرسططاليس 1 من أفى مدته فى جمع المال خوف العدم فقد وعلى هذه الشاكلة أخذ الحاتمي يحقق ترجمة هذه الحكم اليونانية إلى الشعر العزبي عند المتنبي حتى بلغ بها نحو مائة وعشرين حكمة .