كيف تنظِّم المؤسسة بيئتها الداخلية لكي تستطيع مواجهة تهديدات السوق الخارجية واقتناص الفرص؟ سنتعرَّف إلى نظرية الأنظمة المفتوحة التي وضعها دانيال كاتز وروبرت خان ولودفيج فون بيرتالانفي كمرحلة أولية لفهم كيف تتفاعل التنظيمات الداخلية للمؤسسات مع بيئات العمل الخارجية. يوضِّح الشكل التالي كيف أنَّ هذه النظرية تنظر إلى المؤسسات باعتبارها أنظمة مفتوحة تستقبل خلال «مرحلة المدخلات» الموارد من البيئة بعدة أشكال بناءً على طبيعة المؤسسة ومجال عملها. من الأمثلة على هذه الموارد والمدخلات: المعلومات والمواد الخام وحتى الطلاب الملتحقين بالجامعة. تعالج الأنظمة الداخلية للمؤسسة المدخلات وتحوّلها إلى صورة أخرى خلال «مرحلة العمليات» ثمَّ تنقلها إلى البيئة الخارجية خلال «مرحلة المخرجات» على هيئة منتجات أو خدمات أو خريجِّين أو غيرها. نموذج الأنظمة المفتوحة في المؤسسات (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، تستقبل الموارد من البيئة وتعالجها وتحوّلها إلى مخرجات تعود إلى البيئة، تصنِّف هذه النظرية المؤسسات إلى أنظمة مفتوحة وأنظمة مغلقة تبعًا إلى طبيعة استجابة المؤسسة للبيئة المحيطة بها. الأنظمة المغلقة أقل استجابة لإمكانيات وموارد البيئة، في حين أنَّ الأنظمة المفتوحة أكثر استجابةً وتكيُّفًا مع التغيُّرات البيئية. كانت كبرى الشركات الأمريكية لتصنيع السيارات (فورد، يبدو أنَّ شركات تصنيع السيارات الأمريكية في وقتها قد غدت مغلقة أو أقل استجابةً للتغيُّرات الرائجة في مجال صناعة السيارات أثناء تلك الفترة وغير مستعدة لتغيير عمليات التصنيع الخاصة بها. لا تستجيب المؤسسات للبيئات الخارجية من خلال هياكلها التنظيمية فحسب، ولكن تستجيب أيضًا من خلال المجالات والأبعاد والإمكانات الداخلية التي تختارها. إنَّ المؤسسات تُعرِّف نفسها وتخصُّصها عن طريق تحديد مجالها في البيئة (أي تحديد القطاع أو الميدان الذي سوف تستخدم فيه التقنيات والمنتجات والخدمات لكي تنافس). من أهم هذه المجالات: التسويق والتكنولوجيا والإدارة الحكومية والموارد المالية والموارد البشرية. أصبحت العديد من المجالات التي كانت تُعدُّ ثابتة فيما مضى أكثر تعقيدًا وتغيُّرًا مثل: مجالات الألعاب والمرافق العامة والتعليم العالي. أصبح مجال التعليم العالي الذي كان ثابتًا إلى حدٍ ما في الماضي أكثر تعقيدًا نتيجة ظهور المؤسسات التعليمية الربحية والدورات والكورسات الهائلة المفتوحة عبر الإنترنت (MOOCs) وغيرها من برامج الحصول على شهادات أو درجات علمية خارج نطاق المؤسسات التقليدية الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، كما أدى ظهور نماذج العمل التي تستخدم الهواتف المحمولة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها إلى إزالة طبقة الإدارة الوسطى من الهياكل التنظيمية التقليدية. يجب على أصحاب العمل والقادة تنظيم الأبعاد الداخلية للمجال الذي يعملون فيه لكي يستطيعوا المنافسة في الأسواق التي يستهدفونها. كما يتوجَّب على المديرين توفير ما يلزم من تقنيات وتدريب ومحاسبة وقانون ومصادر البنية التحتية الأخرى. بالإضافة إلى أنَّ ثقافات المؤسسات هي التي تحدِّد المبادئ والعلاقات والممارسات القانونية والأخلاقية وسمعتها.