السبب الأول: أن القواطع من الأدلة الشرعية نادرة جدًّا، فالأدلة القطعية الشرعية نادرة، فإنها لا تفي بإيجاد أحكام شرعية لعدد قليل جدًّا للحوادث المتجددة؛ لأن وقائع الناس -كما قلت لكم- متجددة ومتغيرة، وأصبح في زمننا الآن وقائع كثيرة جدًًّا لم تكن معروفة في عهد الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة المجتهدين، فنحن في عصر يحتاج لبيان حكم الاستنساخ، فالأدلة القطعية الواردة في الشريعة نادرة ومحصورة، فلو قلنا: لا بد من أدلة قطعية؛ لخلت وقائع كثيرة بدون معرفة حكم شرعي. السبب الثاني: أن مدارك اليقين قليلة؛ فهي لا تتعدى خمسة -وقد أشرنا إليها قبل ذلك- فهي الأوليات، وهي الأمور العقلية المحضة كعلم الإنسان باستحالة اجتماع الضدين، والمتواترات كالعلم بوجود الهند مثلًا، ونتيجة لهذين السببين يلزم أن كثيرًا من الحوادث والوقائع والقضايا المستجدة ستتعطل وتخلو عن أحكام؛ لو قلنا: لا يجب العمل بخبر الواحد، وحينئذ يصدق ما زعمه أعداء الإسلام: من أن الإسلام غير قادر على إيجاد حلول وأحكام لما يتجدد من حوادث ووقائع عصرية، لكننا لو قلنا بوجوب التعبد بخبر الواحد لبطل هذا الزعم، وطالما أن خبر الواحد ثبت عندنا وثبتت صحته فما المانع إذن أن نرتب عليه الأحكام.