الطبيعة القانونية للخطأ في المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي: المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي تندرج ضمن الإطار العام للمسؤولية الإدارية، التي عمادها التعويض، ولكنها تتميز بضرورة الموازنة بين تعويض المتضررين من الأعمال الطبية من جهة، مسؤولية المرفق العام الصحي القائمة على الخطأ الثابت والجسيم: تقوم المسؤولية الإدارية على أساس الخطأ الثابت كما هو الحال في المسؤولية المدنية وذلك وفقا لنص المادة166 من القانون المدني الليبي " كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض "، ووفقا لهذه القاعدة ان عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي الذي عليه أن يثبت ان السلوك المنسوب للمرفق العام يشكل خطأ. - رأي القضاء الليبي: في مسؤولية المرفق العام الصحي القائمة على الخطأ الثابت الجسيم: في نطاق مسؤولية المرفق العام الصحي اخذ القضاء الليبي مبدئيا بالخطأ الجسيم ، بل يشترط في هذا الخصوص أن يكون خطأ الطبيب قد بلغ درجة من الجسامة لا تفرضها أصول الطب " - سبب اشتراط الفقه الخطأ الجسيم في مسؤولية المرفق العام الصحي الى بعض المبررات منها: إن العمل الطبي من تشخيص للمرضى واختيار العلاج وإجراء العملية الجراحية يظل صعبا واحتماليا، كما سيؤدي عدم اشتراط الخطأ الجسيم الى زيادة دعاوى المسؤولية المرفوعة على المرفق العام الصحي ، إلا أن ما جاء في هذا الحكم يشكل عبء كبيرا على المريض حيث يجب أن يكون الخطأ على درجة كبيرة من الجسامة. تظهر مسؤولية الأشخاص الاعتبارية العامة الخطيئة بمظهر المسؤولية عن فعل الغير المعروفة بمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه. ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه، نطاق المسؤولية الجنائية في القضاء الليبي: ذلك لان تمثيله للشخص المذكور لا يخوله ارتكاب ما يعد جريمة قانونا، وأنه يتبع المدعي عليهما الأول والثاني: إدارة المستشفى ووزارة الصحة . في الطعن المدني رقم (50/793) بتاريخ 13-6-2006 جاء فيه " . - لكي تحقق المسؤولية الإدارية للمرفق العام عموما باعتباره متبوعا يجب أن يكون له سلطة فعلية على الموظف في الرقابة والتوجيه . رأي المحكمة العليا الليبية: وان جميع الجهات الإداري تشكل الهيكل العام لها، فما دامت المرافق العامة الصحية تقدم خدمات مجانية ويتم إدارتها من قبل أجهزة إدارية تابعة للدولة ومنحت لها الشخصية الاعتبارية العامة، فإن المستخدمين في هذه المرافق موظفين عامين سواء كانوا أطباء أو غير ذلك، لكونهم يشغلون مركز وظيفي بإحدى هذه المرافق وفق ما نصت عليه المادة 5 من قانون علاقات العمل رقم 12 لسنة 2010 في تعريفها للموظف التي جاء فيها " كل من يشغل أحد الوظائف بملاك الوحدة الإدارية". ثانيا- الخطأ المرفقي والشخصي في مسؤولية المرفق العام الصحي: تقوم المسؤولية الإدارية للمرفق العام عموما بما فيه المرفق العام الصحي على أساس وجود ثلاثة أركان أساسية وهي ( الخطأ - الضرر - العلاقة السببية بينهما ). ولا تنسب الى المدعي عليهم عد هذا القرار تصرف شخصي من شأنه أن يرتب مسئوليتهم الخاصة، والحقيقة أن الدعوى موجهة الى هذا القرار في إشخاص الموظفين الذين أمروا وتعاونوا على ذلك" تعريف الخطأ المرفقي على أنه " الخطأ المنسوب الى المرفق نفسه لا إلى الموظفين القائمين بتشغيله وإن كان هؤلاء يقومون فعلا بتسييره، وهو أي خطأ لا يمكن اعتباره خطأ شخصيا " نصت المادة (5) الفقرة (أ) من قانون المسؤولية الطبية رقم 17 لسنة 1986 حيث جاء فيها " يجب على الطبيب توخي الدقة والالتزام بالأصول العلمية الثابتة المعترف بها من وزارة الصحة" يتضح من هذا النص أن المشرع الليبي الزم الطبيب بأن يتصرف وفقا للمعطيات العلمية المعاصرة وطبقا للقواعد التي يعرفها اهل الطب، ومن ثم عدم قيام المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي، حتى لا يتم التوسع في مفهوم الخطأ الطبي ولضمان ضبط حدوده، اعتمد القضاء الليبي في مرحلة ما وضوح وثبوتية الخطأ في مسؤولية المرفق العام الصحي حيث جاء بأحد الاحكام " ومن ثم فإن مهمة المحكمة قاصرة على التثبت من وجود خطأ ينسب للطبيب المعالج دون مناقشة الأمور الفنية، وقد ثبت في الدعوى الخطأ الظاهر والواضح المتمثل في إجراء عملية قيصرية للمدعية بقسم الولادة، وقفل العملية ثم بعد ذلك اجراء عملية استكشاف باستعمال الاشعة، تبين وجود فوطة بجسمها وتم إخراجها " ففي قانون علاقات العمل رقم 12 لسنة 2010 نصت المادة 155 على أنه " كل موظف يخالف أحد الواجبات أو يرتكب أحد المحظورات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، ولا يسأل الموظف مدنيا إلا عن خطئه الشخصي". رأي الإدارة العامة للقانون في ليبيا قدمت فتوى بتاريخ 17-3-1976، رقم 128319 تصدت فيها للتمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي جاء فيها: " يعتبر الخطأ شخصيا إذا كان العمل الضار مصطبغا بطابع شخصي يكشف عن الانسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره، أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي ويتم عن موظف معرض للخطأ والصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحيا. الفيصل في التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي هو البحث وراء نية الموظف، فإذا كان يهدف إلى تحقيق الصالح العام أو كان قد تصرف ليحقق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة الى المرفق العام ذاته ويكون خطأ الموظف هنا مرفقيا، الخلاصة: أن القضاء الليبي اشترط مبدئيا في الخطأ القائم عليه المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي أن يكون جسيما وثابتا ثبوتا كافيا لدى القاضي المطلب الثاني: حدود المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي أولا- المسؤولية الإدارية للمرفق العام الصحي القائمة على الخطأ المفترض: تقوم مسؤولية المرفق العام الليبي عموما على أساس الخطأ الثابت كما تم بيانه، أو دون الخطأ في التشريع المقارن، والذي يعني افتراض خطأ الإدارة المبرر لمسؤوليتها والحكم عليها بالتعويض عن الاضرار الناجمة عن نشاط معين وفقا لقواعد المسؤولية الإدارية، . المسؤولية على أساس الخطأ المفترض هي مسؤولية خطيئة، التمييز بين قرينة الخطأ عن المسؤولية بدون خطأ : - المسؤولية على أساس الخطأ، ولا يمكن التعويض إلا إذا وجد خطأ. حيث تثبت المسؤولية دون حاجة لأن يثبت المدعي وجود خطأ من جانب الإدارة إذ يكفيه في هذه الحالة أن يكون الضرر الذي لحق به أثرا لتصرف الإدارة وفي هذه الحالة لا يكون هناك حاجة لافتراض الخطأ و ليس هناك حاجة لتقديم الدليل عليه. يستحق التعويض ولو كان العمل مشروعا على أساس العدالة ومساواة الأفراد أمام التكاليف العامة. بل عليها إن هي أرادت التخلص من هذه المسؤولية إثبات وجود خطأ من جانب المضرور أو بإثبات القوة القاهرة. تعد مسؤولية المرفق العام الصحي المجال الخصب لقرينة الخطأ،