دلالة اختياري لوقت كتابتها من السنة هي أن الإتيان متأخرا خير من عدمه، وتعمدت عدم نشر تجربتي في بداية هذه السنة. بدأ كل شيء في الصف الثامن (الثاني في المرحلة الإعدادية)، سافرت مع عائلتي إلى الأردن، كانت المدرسة مختلفة عما عهدته، آليات وطرائق دراسية مختلفة ومتعددة، واستصعبت تداركهم ومواكبتهم (زملاء صفي)، خاصة أنني بدأت معهم بعد بداية العام الدراسي بشهرين تقريبا، أي أن كل شيء كان ضدي تقريبا -أو هذا ما بدا لي. حصلت في أول امتحان لي من كلّ مادة على علامات سيئة جدا، بدأت أستجمع نفسي بعد تلك الصدمات المتتالية، أصبحت آخذ دروسًا في حصص الفنون والرياضة، لم يكن الأمر أن أعوض الدروس التي فاتتني، بل أن أبني نفسي في غضون شهر أو اثنين، وليصبح مستواي مجاريًا لزملائي، تطلّب هذا أن أعرف كيف أفكر بطريقة علمية ومنهجية، تطلب هذا مهارة التحليل والاستنتاج، بل لأستطيع اجتياز الامتحانات فقط. تطلّب الأمر أن أفهم حصة كاملة باللغة الإنجليزية دون أي كلمة عربية (45 دقيقة تقريبا)، وآخر ما درسته في اللغة الإنجليزية كان كلمات بسيطة وأساسية جدا لا تخولني لشيء، تطلب الأمر جهدا مضاعفا، تطلب أن أرفع مستواي بمقدار أربع أو خمس سنوات في أقل من نصف سنة! إن أي عاقل يُسأل هذا السؤال: "هل الأمر ممكن؟" كان سيجيب حتما بــ: "لا"، لم يكن لدي خيار آخر، لم يكن عدم النجاح بالنسبة لي خيارا، بذلت جهدا مضاعفا بمرات كثيرة، بدأت شيئا فشيئا أتقدم وأتداركهم، تحسنت لغتي العربية والإنجليزية، بدأت أفهم ما يدور في حصة اللغة الإنجليزية، كان أشبه بالحلم! بدأت أفهم أكثر فأكثر، وأحلل وأفسر كما يفعلون. نقصت علامة واحدة عن العلامة الكاملة (الدرجة النهائية) في اللغة الإنجليزية، وحصلتُ على علامات كاملة في معظم المواد، هل تصدقون؟! لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وشاركت في مسابقة لكتابة القصيدة -شاركت فيها على سبيل المشاركة فحسب-، ولم أتخيل أبدا أنني سأفوز أنا فيها، كنتُ الترتيب الثاني على الصف.