عبر الكاتب أحمد أمين عن فرحته بقدوم الربيع بكلمات تنبع من قلب رقيق ، فقال : ها أنت – أيها الربيع أقبلت ، فأقبلت معك الحياة بجميع صنوفها وألوانها : فالنبات ينبت ، والبقر يخور ، وكل أليف يدعو أليفه . ولا يذكر إلا سعادة الحياة ، فإن كان الزمان جسدا فأنت روحه ، ها أنت بسحرك العجيب ، استطعت أن تجعل من الشمس حائكا نساجا يحوك أجمل الروض ويوشِّيه ، فإذا الدنيا كلها جمال ألوان ، وجمال تصوير ، يقلده أكبر فنان فيفشل ، ويُحاكيه أكبر مصور فيعجز ، وتعاريج سوداء ، في زهرة صفراء أو بيضاء ، جعلتها ملء السمع ، وأطلق أصواتها ، وجعلت منها موسيقى مختلفة النغمات ، متعددة الأصوات : هذا البلبل يُغني ضاحكا ، وهذا الحمام يُغني باكيا كانت عجماء فأفصحت في أيامك ، وكانت خرساء فأنطقها جمالك ، فوقفت على السرو والدَّوح من خطبائك ، فلما غنت حركت أشجان الإنسان ، وأوحت إليه بالمعاني الحسان ، وتغنوا من غنائها . وبعثت الأمل ، فلما خاف الناس من غيبتك ، وانقطاع شذاك ، أمعنوا الفكر في الاحتفاظ برائحتك ، فاستخرجوا الروائح من أزهارك ، وتحايلوا للانتفاع بها في غيابك . لقد اعتدلت في حرارتك فلم تغلُ في بردك غلو الشتاء ، ولا في حَرِّك غلو الصيف ، فكنت جميلا في جوّك ،