رأت إنجلترا و فرنسا أن تشكيل مجلس النواب يمثل خطورة علي مصالحهما، لأن قيام مجلس نظام برلماني سوف يجعل من التدخل الأوروبي أمراً صعباً، علي حين أن نظام الحكم المطلق يسهل أمور التدخل. وعلى هذا أرسلت الدولتان مذكرة مشتركة في 7 يناير 1882م توحي كلماتها بالاستياء من قيام نظام برلماني في مصر، و تذكر صراحة أن هذه الأحداث توجب التدخل لحماية "العرش الخديوي"، وبالطبع رفض "شريف باشا" المذكرة وإحتج لدي القنصلين الانجليزي والفرنسي على المذكرة.ولما لم تتمكن الدولتان من إلغاء مجلس النواب، طلبتا ألا تتضمن لائحة المجلس مناقشة الميزانية وإقرارها لأنها أمور تتعلق بالديون، وتحرج موقف "شريف باشا"، وعرض على النواب تأجيل النظر في الميزانية حتى يفوت الفرصة على تدخل الدولتين، غير أن العرابيين تشبثوا بحق المجلس في إقرار الميزانية باعتبار أن ذلك حق من حقوق الأمة الممثلة في المجلس المنتخب. وأمام إصرار الطرفين على موقفيهما من مناقشة الميزانية، إستقال "شريف باشا" وتألفت وزارة برئاسة "البارودي" الذي عين "أحمد عرابي" وزيراً للحربية.وبادرت الوزارة بإعلان الدستور في 7 فبراير 1882م وإقرار حق المجلس في مناقشة الميزانية، و هنا إحتج الرقيبان الفرنسي والإنجليزي وطالبا قنصليهما بالتصرف.شعر القنصلان أن الحالة تنذر بخلع "الخديوي توفيق"، ونسب إلى العرابيين أنهم كانوا يسعون إلى خلع توفيق وتعيين الأمير حليم بدلاً منه.فقامت إنجلترا وفرنسا بإرسال قطع بحرية على الشواطئ المصرية في 19 مايو 1882م بحجة حماية الرعايا الأجانب إذا ما تعرضوا للخطر بسبب الأزمة القائمة.وأرسلت الدولتان مذكرة تطلبان فيها إستقالة البارودي وخروج أحمد عرابي من مصر، فرفضها البارودي وأقسم مع العرابيين يمين الدفاع عن البلاد والولاء للثورة، فما كان من "الخديوي توفيق" إلا أن قبل المذكرة فإستقال البارودي إحتجاجاً، وقام توفيق بتشكيل وزارة برئاسته. وبدأت إنجلترا تتحين الفرصة لدخول مصر، وجاءت الفرصة يوم 11 يونيو 1882م في شجار ملفق قام بين رجل ملطي من الرعايا الأجانب ومكاري (عربجي) مصري على الأجرة، فقام المالطي بطعن المصري طعنة قاتلة، فتطور الأمر إلى معارك متبادلة بين الأجانب والمصريين، وقام الأجانب بالتجمع في أماكن واحدة والتحصن بها.وقامت إنجلترا بضرب مدينة الأسكندرية في 11 يوليو 1882م بحجة أن مصر تقوم بتحصين الأسكندرية، وتعتزم غلق الميناء وحصار البوارج الانجليزية الراسية فيه.نزلت القوات البريطانية الأسكندرية وحاصرت قصر "الخديوي" لحمايته، وربط الخديوي مصيره بانتصار الإنجليز، وانسحب عرابي مع وحدات الجيش إلى كفر الدوار لإقامة خط دفاع ثاني.طلب الخديوي من أحمد عرابي الكف عن الاستعدادات الحربية والحضور إلى قصر التين في الاسكندرية، ولكن أحمد عرابي رفض واتهم الخديوي توفيق بالخيانة العظمى، وتم تشكيل مجلس عرفي لإدارة شؤون البلاد بعيداً عن الخديوي. وفي تلك الأثناء دخل الإنجليز من قناة السويس، وزحف أحمد عرابي لمقابلتهم في الشرقية وتقابل الجيشان في معركة التل الكبير، وانهزم الجيش المصري وأصبح الطريق مفتوحاً أمام الجيش الانجليزي إلى القاهرة ودخلها في 14 سبتمبر 1882م. وأمام إصرار الطرفين على موقفيهما من مناقشة الميزانية، إستقال "شريف باشا" وتألفت وزارة برئاسة "البارودي" الذي عين "أحمد عرابي" وزيراً للحربية.