كما تنزعج الشياطين التي تكون مبطنة في جوف الإنسان ممن تلبس به ، قبل ذلك كانوا في حال من السكون، فهذا هو الجديد الذي جد على هؤلاء الشياطين. فيحتاج العبد إلى أن يخرج من حوله وطَولِه وقوته ويستعين بربه تبارك وتعالى مظهرًا عجزه وضعفه عن مقاومة هؤلاء الشياطين، ولا خلاص إلا بذلك لأن هؤلاء الشياطين أيها الأحبة شياطين الجن لا يمكن مداراتهم ولا مصانعتهم ولا الإحسان إليهم بالهدايا والعطايا والهبات والكلام اللين الذي يكسر نفوسهم، بخلاف الشياطين الإنس فإن الله تبارك وتعالى قال : ︎ولذلك من يعاني من الوساوس والخواطر عليه أن يكثر من ذلك ويجتهد فيه وألا يلتفت إلى هذه الأمور فإنها لا تضره ولا تنقص مرتبته ولكن الشيطان يقلق حينما يراه في صلاح وفلاح وهدى واستقامة فيحرك نفسه ويجلب عليه من أجل أن يشوش فكره وأن يحزنه بعد أن يأس من النيل منه ومن إسقاطه وإضلاله. كذلك أيضًا أيها الأحبة نحن حينما نريد القراءة فنحن نتطهر لها فإن ذكر الله تبارك وتعالى مع الطهارة أكمل وأفضل فهذه طهارة حسية بقي معها نوع آخر من الطهارة يحصل بها الكمال مع الطهارة الأولى وهي الطهارة المعنوية. هذه الطهارة المعنوية هي التي تكون بالاستعاذة ولابد فيحصل للعبد طهارتان طهارة حسية بالماء أو ما يقوم مقامه وما ينضاف إلى ذلك من المكملات مع تلك الطهارة كالسواك فإنه مطهرة للفم والعبد مأمور عند الصلاة وعند القراءة أن يطهر فاه بالسواك. تبقى طهارة أخرى وهي تطهير الفم والمكان من الشيطان لئلا يشغله ويكون ذلك أيضًا تطهيرًا لهذه الأفواه من الرفث وكذلك اللغو فتكون مطيّبةً مهيّئةً للقراءة لأن الشيطان يساكن المواطن التي يكثر فيها الخبث الحسي والخبث المعنوي. يحتاج العبد إلى شيء من التطييب وذلك بالاستعاذة. والملائكة لا يجتمعون مع الشياطين بحال من الأحوال. ︎كذلك أيضًا هذه الاستعاذة أيها الأحبة قبل القراءة هي شعار بأن ما سيأتي بعدها  هو القرآن. فنحن إذا أردنا أن نتكلم بكلام غير القرآن فإننا لا نبدأ بالاستعاذة ولا يُشرع ذلك فيه وإنما تكون مقدمةً لتلاوة القرآن فتتهيأ النفوس لاستماعه وتلقيه . لماذا أيها الأحبة؟ وهكذا لربما يكون الإنسان في قراءته المتحدة المتصلة يقرأ الانسان لربما في يوم الجمعة يقرأ سورة الكهف فيجد نفسه : هذا كله من عمل الشيطان. أحيانًا يتذكر الإنسان بعض الآيات يريد أن يقف عندها يتشوف لها حينما يهم بقراءة سورة من السور ثم يفاجئ أنه في السورة التي بعدها أين كان من تلك الآيات التي كان يتطلع لقراءتها وتدبرها.