يكادُ الجالسُُ هنا يظنُّ نفسَه مرسومأ في صورةٍ إلهية. في جمالِ النفسِ يكونُ كل شيءٍ جميلاً، إذْ تُلقي النفسُ عليهِ من ألوانِها، وتَعرِفُ لِنورِ النهارِ عُذوبةَ كعذوبةِ الماءِ على الظمأ، في جمالِ النفسِ ترى الجمالَ ضرورةَ من ضروراتِ الخليقة، وَي كأنَّ اللهَ أمرَ العالَمَ أَلأ يَعبَسَ للقلبِ المبتسم. إن لم تكُن أيامُ المصيفِ بمثلِ هذا المعنى، لا تتمُ فائدةُ اَلانتقالِ من بلدِ إلى بلد إِلا إذا انتقَلتِ النفسُ من شعورٍ إلى شعور، فإذا سافَرَ معكَ الهُم فأنت مقيم لم تَبَرح. فهل يدل هذا على شيءٍ إِلا أن خيالَ الجنةِ منذُ اَدمَ وحواء، لا يزالُ يعمل في النفسِ الإنسانية؟ الحياة في المدينةِ كشُرب الماءِ في كُوب مِنَ الخَزَف، ذاك يحتويً الماءَ وهذا يحتويه وُيبدي جمالَه لِلعين. يشعرُ كل إنسانِ أنه يستطيعُ أن يقولَ للدنيا كلمةَ هَزْلٍ ودُعابة. وأصبحنَ عندَه أدِلة على صفاتِ الجمالِ الذي في قلبِه. تقومُ دنيا الرزقِ بما تحتاجُهُ الحياة، وهذا هو الذي يغيرُ الطبيعةَ ويجعلُ الجو نفسَهُ هناك جو مائدةِ ظُرفاءَ وظريفات. إذا استقبلتَ العالَمَ بالنفسِ الواسعةِ رأيتَ حقائقَ السرورِ تزيدُ وتتَسع، في الساعةِ التاسعةِ أذهبُ إلى عملي، وتَستبدِلُ منها المعانيَ التي تضعُها فيها النفسُ الحرة.