تسعى الدول الديمقراطية إلى ضمان تمتع الافراد بالحقوق والحريات، وتعمل بموجب قوانين وعلى خلاف ذلك تعمل الدولة الاستبدادية أو الدكتاتورية على مصادرة تلك الحقوق والحريات أو تقييدها والعمل على انتهاكها في ضوء الأفعال والإمتناعات التي تمثل انتهاكات خطيرة وجسيمة سواء أكانت تلك الحقوق طبيعية أم شخصية ، ۱۹۲۱ ومع بداية تأسيس الدولة العراقية في العام أسس نظام للحكم الملكي شهد العديد من لكنها عموما أحداث لم تؤثر كثير ً ا في الحقوق والحريات على الرغم من وإن الأحداث التي شهدها العراق منذ العام ۱۹٥٨ كانت مستقرة نسبيا قياسا بما كان حاصلا بعد العام ۱۷ وقد شهد العراق بعد إنقلاب / إنتهاكات خطيرة لحقوق الأفراد وحرياتهم طوال مدة حكم حزب البعث. وقد تنوعت مظاهر هذه الانتهاكات بين القتل ، والحرمان من العديد من الحقوق الفكرية والثقافية لفئات كثيرة من أبناء الشعب العراقي مما ألزم طريق أنظمة العدالة الانتقالية ، ووسائلها التي تستدعي كشفًا إستدلاليا لحقيقة تلك ۱۹۲۱ الأنظمة السياسية التي حكمت العراق منذ العام للإنتهاكات التي تعرض لها الأفراد في ظل نظام حكم البعث ، ذلك النظام في المجتمع العراقي ، موازنة بأثر نظام العدالة الانتقالية في معالجة تلك ۱۹٦٨ الآثار السلبية المترتبة على تولي نظام البعث للحكم منذ العام ويتألف هذا الفصل من مباحث أربعة فيما يأتي كشف مضامينها: المحور الثالث: العهد الجمهوري البعثي ۱۷ بدأ هذا العهد بإنقلاب ( الذي قاده مجموعة من الضباط البعثيين؛ الرئيس آنذاك عبد الرحمن محمد عارف على التنحي مقابل ضمان حياته وحياة إبنه. كان نظام الحكم شموليا تفرد فيه نظام الحزب الواحد إذ منعت الأحزاب من ممارسة ومسك زمام الحكم، وألف مجلس القيادة الثورة جمع بيده السلطتين التشريعية، الذي كان صوريا يمثل السلطة التشريعية التي كانت في حقيقة الأمر بيد رئيس مجلس قيادة الثورة وهو رئيس الجمهورية نفسه الذي كان في بعض الأحداث والمواقف يتسلم منصب رئيس الوزراء أيضا. لقد شهدت هذه الحقبة الزمنية من حكم البعث التضييق على الحقوق والحريات، وأعضائها في المعتقلات والسجون تحت تهم كاذبة وغير صحيحة. وقد استمر هذا النظام بسياسته هذه حتى إسقاطه بدخول قوات الاحتلال الأجنبي إلى العراق في فتم إصدار قانون الدولة للمرحلة الانتقالية في العام ۲٠٠٥ دستور العراق في العام الذي أصبح نافذا بعد التصويت عليه بالاستفتاء الشعبي فتم تأليف الحكومة بموجبه. المبحث الثاني: إنتهاكات النظام البعثي للحقوق والحريات العامة إستولى حزب البعث على زمام السلطة في العراق بعد الانقلاب الذي قاده ضد الرئيس عبد ۱۷ الرحمن محمد عارف) في ( وبدأ عهد جديد في العراق لم تصن فيه مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة التي أقرتها المواثيق ولم تحفظ فيه الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ولتبيين ذلك سنعرض هذا المبحث في محورين رئيسين هما: المحور الأول: إنتهاك الحقوق الفكرية والحريات العامة ۱۹٦٨ بعد إنقلاب العام وضع قادة حزب البعث (البائد) دستورا جديدا لتنظيم سلطتهم إذ تولى وأحكم سيطرته عليه بعد إبعاد الجهات التي تحالفت معه للإطاحة ۱۹۶٨ بالرئيس عبد الرحمن عارف) وأصدر الحزب في فيه المواد التي عالجت حقوق الإنسان المدنية والسياسية عما ورد في دستور العام إذ جاءت الحقوق تكرارا لما سبق مع ملاحظة أنه على الرغم من ورود قانون والاعتراف بها فإنه لم يتم تأليف أي حزب سياسي في هذه المدة. حرية الصحافة بقيت محكومة بمبدأ الترخيص، تحصال موافقة وزير الثقافة والإعلام) قبل إصدار أي ومن الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي مورست في قمع الانتفاضة الشعبانية، التعذيب باستعمال الممارسات غير الإنسانية. أخذ الرهائن واستعمال النساء والأطفال دروعا بشرية. انتهاك حقوق الممارسات الدينية، قتل المواطنين بدفنهم أحياء في مقابر جماعية على الشبهة والظن. حالات الاختفاء الجماعي لعوائل أو جماعات في ظروف غامضة • التعامل مع المنتفضين بعناوين طائفية، منع الغذاء والرعاية الصحية للمشكوك بمشاركتهم في الانتفاضة مع عوائلهم. التمثيل بجثث القتلى بعد تعذيبهم وقتلهم. الإجهاز على الجرحى في المستشفيات. وترك جثثهم معلقة أمام بيوتهم. قتل المعارضين بربط أيديهم وأرجلهم، ووضع ثقل ورميهم في النهر. رمي المعارضين للنظام من علو شاهق بواسطة الطائرات المروحية ليصل إلى • المحور الثاني: الانتهاكات التي تمس الحقوق الاجتماعية، كان النظام البائد يتعامل مع الشعب العراقي على أساس التمييز والإقصاء إذ كان يتعامل بمنهج فكان يحرم غير الموالين لسلطته وحزبه من التعليم والتعيين ، وممارسة الشعائر الدينية بدليل أنه قام بحملة واسعة ضد المشاركين في زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام) تمثلت باعتقال كل من يشارك في هذه الزيارة المليونية، وبما قام به من اضطهاد وتصفية للكرد الفيلين باعتقال ۱٨ الرجال منهم الذين تتراوح أعمارهم بين ( ويضم هذا المحور الأفرع الآتية إن من أهم الحقوق المدنية الحق في الجنسية. ولأهمية التمتع بالجنسية فقد عدتها الأمم المتحدة ونصت على ذلك في المادة ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها ((إنَّ من حق كل إنسان التمتع بجنسية ما وإنه لا يجوز حرمان أحد من جنسيته تعسفا، تعد الجنسية الرابط القانوني بين الفرد والدولة، علاقة قانونية بين الطرفين. الدولة بحماية الفرد وتأمين حقوقه الإنسانية الأساسية؛ لذا يُعد الحرمان من الجنسية خرقا لقواعد وإنتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية؛ حقوقه)). وعلى الرغم من المواثيق الدولية الخاصة بالجنسية وتصديق العراق على هذه الاتفاقيات فقد عمل النظام السابق على إسقاط الجنسية العراقية عن نحو نصف مليون الجنسية العراقية عن نصف مليون عراقي، ٦ وقد نصت المادة ( ۱۹۷٠ ) من دستور العام ( القانون))؛ فقد أحال الدستور أمور تنظيم / السادسة) بل وردت هذه المادة ضمن الباب الأول المتعلق بمبادئ جمهورية ولعل أظهر الانتهاكات ضد الحقوق المدنية والسياسية التي مارسها النظام ما يأتي: فرص العمل الفرع الرابع / إنتهاك الحقوق والحريات الثقافية أقدم النظام السياسي لحزب البعث على تغييب تلك الحريات الثقافية قسر ً ا بالتضليل الإعلامي ، وعدم تقبل الرأي الآخر والمختلف ؛ فقد كان التعذيب والاعتقال والإعدام هو المصير الحتمي لكل من يضبط بحوزته كتاب وهذا ما جعل القطيعة والفجوة تكبر يوما بعد آخر مع العالم الخارجي والتربوي الذي أوجده النظام آنذاك ، سيطرة حزب والأساتذة ، والأطباء إلى خارج العراق ، بل أصبحت هنالك كليات باسم حزب البعث) مثل (كلية التربية التي أمر النظام بألا يدخلها إلا وموه بفطنته. من هنا فإن النظام السياسي في حزب البعث قد عمد إلى وتحجيم أثر لذا يُعَدُّ التنوع وأيديولوجيته. وفق وضمان ممارستها في ظل إطار الدولة. المحور الثالث: إنتهاك القانون الدولي العلاقات الدولية. وقد قام النظام البائد المتمثل بحزب البعث) بانتهاكات لقواعد القانون الدولي عن طريق تسببه بحروب وأزمات إقليمية ودولية إنعكست آثارها السلبية على حقوق الإنسان داخل العراق وخارجه. مهم جدااااا. وكان يُفرج عن بعضهم في غضون أيام، أو يقتل في السجون، وأماكن الاحتجاز بلا محاكمة ولا أحد يعرف عدد المعتقلين السياسيين في العراق آنذاك إلا ويعد الاعتقال الرعب في نفوس معظم الناس. ب اعتقال الأجانب داخل العراق كانت الأجهزة الأمنية العراقية تعتقل بعض الأجانب على الشبهة كما تعتقل العراقيين. وقد أجرت منظمة مراقبة الشرق مقابلة مع مسؤول دبلوماسي )Middle East Watchالأوسط قد تعرض للاعتقال في العراق بعد أن كان على وشك الصعود على متن رحلة مع زوجته البلجيكية وتم تحويل مساره إلى وطلبت زوجته وبعد أكثر ولم مئة وتسعة عشر يوما في سجون الأمن العامة في بغداد من دون توجيه تهمة له. ويروي هو أن معاملته على أيدي سجانيه العراقيين كانت (لا شيء) مقارنة بمعاملة السجانين للمعتقلين العراقيين والعرب أخبر سبير لنغ) المسؤولين الأمريكيين بأنه اختطف وعصبت عيناه بغداد) ، وأنه كان يسمع ثم يقول سبير لنغ) : لقد تلقيت ضربات بهراوات مطاطية على أخمص قدمي ، ومنطقة الكلى والأعضاء التناسلية ، على رأسي، وصفعات وقيل لي: إنه وقد تعرضت لنقص في الطعام، الغثيانوالعطش)). ويمثل عدم إخبار السلطات العراقية قسم رعاية مصالح ۳٦ للمادة ( ۲٤ / فيها. الفرع الثاني: إعدام العسكريين والمدنيين اعتمد (حزب البعث) في إصدار أحكام الإعدام بحق العراقيين من دون العودة إلى الأساليب التحقيقية المهنية الرصينة على تهمة سياسية. وكانت هناك تقارير منتظمة عن إعدام ضباط عراقيين بزعم تأمرهم ضد النظام على الرغم من أنه كان من المستحيل تحديد صحة هذه الاتهامات إلا أن النظام العراقي قد أشاع فرية الاتهام بالتخطيط للإنقلاب على كل من يعارضه؛ اسية الآتية التي تصدر بموجبها ۱۹۷۶ ( المسلحة. وشمل كل الأفعال التي تضر بحزب البعث. عقوبة الإعدام لكل من ينتمي إلى حزب البعث وكان ومزاياها العدالة الإنتقالية تلك الوسائل التي تبحث في كيفية معالجة إذا التحقيقات عن الجرائم المرتكبة بحق الأفراد وفقا للمعايير وتطبيقا للمعايير الديمقراطية بوصفها منهجا بديلا عن سلوك تلك الأنظمة. ۲۰۰۳ بعد سقوط الحكم الشمولي المستبد في نيسان ( نتيجة الاحتلال الأمريكي للعراق في سياق الصراعات الدولية وهيمنة الولايات المتحدة على العالم. ولأن حاجة العراق للتغيير السياسي كانت ملحة سواءً أتمت من داخل البلاد أم بتأثير خارجي ؛ فإن عملية التغيير المسلحة كانت الهجرة من الوطن طوال عقود الحكم البعثي ، وخرج العراق من الاستبداد ؛ وتجدر الفقرة اللاحقة. تمتاز استراتيجيات العدالة الانتقالية بعدد من السمات العامة تذكر أظهرها: لأن كما كبير ً ا من التداعيات التي تجذرت في المجتمع لا يمكن تغييرها دفعة واحدة ؛ واستعمال العنف يحتاج إلى سلسلة من علاجات متنوعة بتنوع وأن عقودًا من الحكم الشمولي لا يمكن أن تنقلب رأسا تزيل الأثر ، وتستبدله. يتطلب امتدادا زمنيا لإرساء أسسها؛ الديمقراطي يكون على وفق جدول زمني فإن برامج مؤسسات والقصاص ؛ وتأهيلا ، وتدريبا لملاكات بشرية ، وتطويرا لمؤسسات سارت عقودا المجتمع ، مع بنيته الاجتماعية ، وتنفيذها في المجتمع ؛ ليست باليسيرة إذ تصطدم بمظاهر ترسخت إبان عقود الاستبداد وتفضيل لعرق أو قومية أو إثنية على أخرى ، زوال السلطة من جماعات أفادت مباشرة منها قد تعمل على إعاقة العمل من إن العمل على القواسم الوطنية المشتركة ، ويتخذ المستبدة تعمل على تمزيق النسيج وتعمل على تأجيج التناحر لأنه الرهان الناجع على فنجد فئات الشعب نفسها في تناحر مع بعضها ، الوطنية هو السبيل الأمثل للعودة إلى ما قبل الاستبداد ، على رأب الصدع المجتمعي الكبير الذي خلفه فيه من النواحي وهذا جوهر مبادئ العدالة الانتقالية ؛ للاستقرار حيثما ترسو العدالة والإنصاف ، ويستقيم الميزان