فقد تتباين الأحزاب السياسية في طريقة نشأتها تبعاً للعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة في البلد الذي ظهرت فيه ما يعني انّ نشأة الحزب تتأثر الى حد كبير بالبيئة الحاضنة له . أدت عوامل عديدة إلى ظهور التكتلات في انجلترا، تمثلت بعوامل دينية وسياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية، فأما العوامل الدينية فكانت تتمثل بالنزاعات التي حدثت في القرن السادس عشر ، وهذا انعكس سلباً على الحياة الاجتماعية وعلاقته بحياة المجتمع، فأدى بدوره الى بروز نتائج خطيرة على التجارة حين تراجعت وانعكست سلباً على امتيازات النبلاء، فدفع أسر اللوردات الى ان تستقطب حولها تكتلات سياسية، الأمر الذي أدى الى تكوين جيوش استقطبت عدداً غير قليل من أعضاء البرلمان ورجال القضاء وبالتالي جعلهم مسيطرين على مقاطعات كاملة ويتمتعون بنفوذ كبير ، فانقسم المجتمع الى قسمين وأفضى إلى تأثير سلبي على الجانب السياسي فنتج عنه تنافس حاد بين تكتلات سياسية (حزبي الويكزوالتوريز فيما بعد) كان الهدف منه الوصول الى السلطة والحكم، فكان لكل قسم أنصار من النبلاء انضموا اليه، ويمكن القول ان المجتمع البريطاني كان له أثر في احتضان التكتلات وأغلبها من الفئات الاجتماعية. فعندما بلغ التوتر السياسي بين البرلمان والملك درجة عالية من الشدة والخلاف، وأدى الى اندلاع الحرب وظهور ما يعرف باسم الجيش النموذجي الجديدThe New Model Army بقيادة اوليفر كرومويل (Oliver Cromwell) (1599- 1658/ 1653- 1658) القائد العسكري الذي قدر لظهوره ان يشكل حلقة مهمة في انتصار قوات البرلمان على قوات الملك شارل الأول ، استمر عهده زهاء ربع قرن اتسم حكمه بخلافه مع البرلمان وعهد من الحكم الفردي على غرار حكم والده الفردي سميت مدة حكمه الانبعاث (Emission)، ادرك البرلمان بعد القضية الكبير وأعلن تمسكه بكنيسته الانجليكانية وتحدى الملك وأصدر (قانون الاختبار(Test Act) ( عام 1673، لأنّ هذا يعني ضرورة تنازل شقيق الملك دوق يورك عن منصبه قائداً عاماً لسلاح البحرية المهم جداً للبلاد لاعتناقه الكاثوليكية ، بينما على النقيض منه تماما نأدى التوريزودعا الى ضرورة المحافظة على الأوضاع السائدة وقتذاك دون ادنى تغيير، فضلاً عن مشاكل عديدة دفعت باتجاه حل البرلمان، اما الأقلية فكانت تؤيد حزب الويكز، كما أدى ازدياد الاعتماد على الصناعة وتطورها الى ظهور طبقة عاملة زادت اهميتها وقوتها في المجتمع، فقد عمدت تلك الأحزاب الى استقطاب اكبر عدد ممكن من المقترعين لجانبها لضمان كسب ما تصبو اليه من اغلبية تؤهلها لتشكيل الحكومة ما جعل الأحزاب تكون ذات صبغة شعبية واضحة، إذ تكونت تلك الأحزاب في بادئ الأمر من أفراد ينتمون اجتماعياً الى تلك الطبقات العليا او المتوسطة العليا من المجتمع، أي ان حزب الويكز كان يتكون من جزء من الارستقراطية والطبقة الوسطى وبعض القوى السياسية التي ترغب في نوع من انتقال السلطة السياسية والقوة التنفيذية من التاج الى البرلمان، وذلك في عام 1679 عندما لم يكن له ولد يرث العرش، وتعد هذه العام (1679) الأولى التي استخدمت بها تسمية للحزبين الويكزوالتوريز. فلقد عد ذلك مخالفة صريحة للعادات وتقاليد الكنيسة الانجليكانية التي تنص على وجوب اعتناق الجالس على العرش وولي عهده المذهب الانجليكاني، فقد أدى ذلك الى ارتداد العديد منهم وعودتهم الى الكاثوليكية حتى انّ الملك شارل الثاني نفسه أعلن جهراً عودته الى الكاثوليكية، ويبدو ان ذلك كان جزءا من صفقة بينه وبين فرنسا تدعم فيها الاخيرة جهوده في اعتلاء العرش على الرغم من مذهبه المخالف، مقابل ان يتعهد الملك بالإعلان رسمياً عن اعتناقه المذهب الكاثوليكي ثانية، على ان يقوم الملك الفرنسي لويس الرابع عشر بإخماد الثورة اذا ما أعلنها الشعب الانجليزي ضد شارل الثاني، ولعل ذلك الإجراء أضعف الملك كثيراً وقلل من احترام شعبه، الى أصل محدد للكلمة، او الى سراق الخيول ولصوصها، أو الى فئة دينية شديدة التعصب تقطن اسكتلندا تتكون من جماعة فلاحي برسبباتية (وهم جماعة من اتباع كالفن لا تعترف بأدنى سلطة للكنيسة)، اوهي صرخة ينادي بها الفلاحون الاسكتلنديون لحث جيادهم على السير، وهناك من يقول ان سوء اجراءات الحكومة في اسكتلندا وايرلندا تسبب في وجود جماعات (عصابات) من الرجال الساخطين الذين بررت غيرتهم الدينية ميلهم الى العنف، فبعض المواثيق المجحفة في اسكتلندا قادت الى معارضة قوية آلت الى مقتل رئيس الاساقفة فيها وشهرت السلاح ضد الحكومة وحققت انتصارات عدة على القوات الملكية قبل ان تتمكن القوات الانجليزية القادمة من انجلترا من اخمادها، أما التوريز او (التوري) فهي كلمة دخيلة على اللغة الانجليزية من اللغتين الاسكتلندية والايرلندية على التوالي، اما في ايرلندا فإنّ المناطق الموحلة فيها غالباً ما كانت ملاجئ لحماية ارواح الكاثوليك الخارجين عن القانون عن حماية قوانين الحكومة الانجليزية، فأطلق الانجليز الاسم على الأقلية المعارضة لمرسوم الأبعاد بحق جيمس الثاني من البرلمان، وجلهم من ملاك الاراضي وأصحاب العقارات اسم التوريز على أساس انهم مؤيدون للكاثوليكية، في حين أطلقوا على الأكثرية المؤيدة لمقترح اصدار مرسوم الإبعاد ، وظل الويكزوالتوريز حزبين يتناوبان الحكم حتى حدوث الثورة الجليلة فأصبح الويكز يعرفون بالويكز؛ فلقد كان حزب الويكز يدعم الجماعات نفسها التي كانت تساند البرلمان في الثورة الأهلية من البروتستانت والبيوريتان والمنشقين والارستقراطيين الذين ساندوا البرلمان ويتبنون جماعة من المعارضين (المخالفين) للكنيسة الرسمية(Non- conformists)، وكان نفوذ هذا الحزب قوياً بين أصحاب الأموال, ولم يكن مؤيدو الحزب من أصحاب التسامح الديني لغير اتباع هذه الكنيسة على انهم كانوا من أنصار المحافظة على اختصاصات التاج والسياسة التقليدية. ويبدو انه لم يكن هناك فرق بين الحزبين من الناحية الايديولوجية في البداية، حتى لو أدى ذلك الى فقدان السيطرة البحرية والسيادة الانجليزية على بقية البحار، ونادوا بمنع العامة من التدخل في قضية مهمة تتعلق بعزل مليكهم أو تثبته .