من ابن عبد الحكم الى المقريزي ۱) قدمنا أن عبد الرحمن بن عبد الحكم هو أقدم مؤرخ مصرى لمصر الاسلامية . وهو أيضا أقدم مؤرخ الخطط مصر. وقد كانت روايته عن الخطط مع إيجازها ، وشغل مكانة هامة في تاريخ مصر الاسلامية، هو الحجر الأول في صرح المدينة الاسلامية العظيمة، ومنزلا للقبائل التي اشتركت في الفتح، ودار الإمارة ، التي أقامها الزعماء ثم توارثوها ، ودور حكام مصر الأوائل، وكذلك ميادين القسطاط ومعاهدها ومساجدها وأسواقها الأولى، التي قامت مع الفسطاط في وقت واحد، وحصنا لوقاية العاصمة الجديدة من الطوارئ ثم يصف القطائع، وكيف كانت توزع الدور والأماكن على الزعماء والسادة في مختلف الحكومات ، وما توالى على هذه الدور والأماكن من إصلاح وتغيير . في نوع من الإفاضة، ولا غرو فهو كما قدمنا مصبري ، نشأ وترعرع بين ربوع الفسطاط الأولى، وطوت فيها أسرته أجيالا قبله ، فورث عنها كثيرا من مواد الرواية الوثيقة التي نقلها الينا . 1) وقد كانت رواية ابن عبد الحكم على كر العصور مستقى خصبا المؤرخى الخطط. وكان أول من انتفع بها، وكندة الشهيرة، أعنى بعد وفاة ابن عبد الحكم بنحو جيل، وتوفى سنة ٥٣٥٠ (٩٦١م)؟ وحفظ الحديث وعنى بتحقيق الرواية، وكان حجة ثقة في معرفة أحوال مصر و مصر وأهلها وأعمالها وتغورها . هو أول من نقل البينا رواية ابن عبد الحكم من «فتوح مصر و أخبارهاه ، 1) (T) وقد وصلتنا بعض آثار الكندى ، وأهمها وأشهرها كتاب «تسمية ولاة مصر» أو أمراء مصر، والأول هو تاريخ الولاة الذين تعاقبوا على حكم مصر منذ الفتح الإسلامي، حتى وفاة محمد الإخشيد ( سنة ٥٣٣٤ ) : والثاني هو تاريخ القضاة الذين ولوا قضاء مصر منذ الفتح أيضا إلى منتصف القرن الثالث من الهجرة ، وهو موضوع تناوله ابن عبد الحكم من قبل، ووقف الكندى في روايته حيثما وقف ابن عبد الحكم ، أعنى عند ولاية القاضي بكار ابن قتيبة لقضاء مصر فى سنة ٢٤٦ه . وللكندى عدة كتب أو رسائل أخرى ، تناول فيها كثيرا من خطط الفسطاط، منها كتاب وأخبار مسجد أهل الراية الأعظم وكتاب الجند العربى، وكتاب والخندق والتراويح، وفي هذه الكتب أو الرسائل كثير مما يتعلق بتاريخ خطط الفسطاط ومعاهدها وقصورها وأسواقها ، و تاب «مسجد أهل الراية هو تاريخ المسجد الجامع، وقد سمى بذلك الاسم لأنه أنشىء في وسط خطط أهل الراية، ولم تصلنا رسائل الكندى هذه ،