والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبته الطيبين الطاهرين، ومن دعا بدعوته وسار على سنته إلى يوم الدين.تواجه أنظمة التعليم في العديد من الدول الكثير من التحدّيات التي فرضتها جائحة كورونا في بداية شهر مارس 2020، وأدّت لإغلاق المدارس والجامعات، ونتج عنها انقطاع حوالي 86 مليون متعلّم عربي عن الدراسة. وجدت الدول العربية نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، توجّه الدول نحو التعليم عن بعد، لضمان استمرارية العمليّة التعليميّة وإدارتها. أجمع المتخصّصون والباحثون في الحقل التربويّ على أهمية التعليم عن بعد، على أن يكون ملائمًا لشرائح واسعة من الطلاب عبر العالم على اختلاف أوطانهم وظروفهم وثقافاتهم وميولهم، ومما زاد من أهميته إتاحته الفرصة التعليمية لكل المتعلمين، وتعزيزه للمهارات الحياتية أثناء تركيزه على مهارات القرن الواحد والعشرين، بالإضافة إلى مرونته حيث يتيح التعلم وفق الظروف التعليمية المناسبة والملائمة لحاجات وظروف الدارسين، كما وقد أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت على هذا النظام أنه يوازي أو يفوق نظام التعليم التقليدي، وخصوصًا عند استخدام تقنيات التعليم عن بُعد والوسائط المتعدّدة بكفاءة، وانعكاس هذه الإيجابية والفاعلية على المحتوى التعليمي.1. معرفة مفهوم التعليم عن بعد.2. تتبع التطور التاريخي الذي مر به التعليم عن بعد.3. الاطلاع على أبرز التحديات التي تواجه التعليم عن بعد.4. التعرف على أنماط التعليم عن بعد.خطة البحث:المبحث الأول: مفهوم التعليم عن بعد:نظراً للتقدم التكنولوجي ذي التأثير الكبير والشامل على العملية التعليمية لم يعد باستطاعة التعليم التقليدي بطرائقه التقليدية في نقل المعرفة قادراً على الوفاء بمتطلبات تلك العملية واستيعاب الاعداد الكبيرة من الافراد في جميع مراحله،يختلف التعليم عن بعد عن التعليم التقليدي في أنه:يقوم على مفهوم التعلم الذاتي، وتوظيف الوسائط التكنولوجيا الحديثة في التعليم وعدم تواجد المعلم والمتعلم في نفس التوقيت أو المكان، وعدم تفرغ المتعلم للدراسة كما يحدث في التعليم التقليدي.وقد عرفت منظمة اليونسكو التعليم عن بعد بإنه:” الاستخدام المنظم للوسائط المطبوعة وغير المطبوعة التي تكون معده إعدادا جيدا من أجل جسر الانفصال بين المتعلمين والمعلمين، وتوفير الدعم للمتعلمين في دراستهم “.ويعرف التعليم عن بعد اجرائياً بإنه: عبارة عن نظام تعليمي يقدم فرص تعليمية وتدريبية إلى المتعلم بدون إشراف مباشر من المعلم وبدون الالتزام بوقت ومكان محدد، وهو مناسب لمن لم يستطيع استكمال الدراسة أو منشغل بسبب العمل الذي لا يسمح له بالانتظام في التعليم النظامي، أو بسبب تفشي الأمراض كما هو الحل في ظل جائحة كورونا لا يمكن للمتعلمين تلقي التعليم المباشر، التليفزيون، الانترنت) وغيرها من الوسائط التي يمكن أن تساعد في الاتصال ذو الاتجاهين بين المتعلم وعضو هيئة التدريس.خصائص التعليم عن بعد التي أكد عليها التعريف:• يعتبر التعليم عن بعد منظومة تعليمية لها مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها.• لا يشترط التعليم عن بعد تواجد المتعلم مع المعلم في فصل دراسي حيث تفصل بينهما مسافات مكانيه قد تكون بعيدة. الانترنت، والبريد الالكتروني.• يمكن للتعليم عن بعد أن يصل الى المتعلم في أي مكان يتواجد فيه سواء أكان في العمل، أو في أماكن نائية.• يمكن للمتعلم مقابلة عضو هيئة التدريس للمناقشة والحوار في شكل لقاءات غير دورية.• تعتبر المؤسسة التعليمية مسؤولة عن تصميم وإنتاج المواد التعليمية والمقررات الدراسية التي تكون في صورة مواد مطبوعة كالكتب والحقائب التعليمية. (حسين، 2016)المبحث الثاني: تطور التعليم عن بعد عبر التاريخ:لا تعود بدايات التعليم عن بعد للعصر الحديث، وإنما تمتدّ لأكثر من مئتي عام. وتتمثل تلك الأجيال فيما يلي:الجيل الأول: التعليم بالمراسلة:ظهر هذا الجيل منذ نهاية القرن التاسع عشر والذي ما زال موجوداً وفعالاً في كثير من الدول، ويعد معهد التعليم بالمراسلة في روسيا أول المؤسسات المنشأة لهذه الغاية منذ عام ١٩٥٠، على مستوى التعليم عن بعد الثانوي، بالإضافة إلى معاهد التعليم البولتكنيكي بالمراسلة التي هدفت إلى تقديم تعليم عالٍ عن بعد، أما على مستوى الجامعات فقد انتشرت الدراسة بالمراسلة في "جامعة لندن" منذ عام ١٨٥٨ م.حيث اعتمدت الدراسة بالمراسلة على: (المواد المطبوعة والإرشادات المصاحبة التي قد تتضمن وسائل سمعية وبصرية). وكان البريد العادي هو الوسيلة المتاحة للتواصل بين طرفي العملية التعليمية من المعلم والمتعلم.الجيل الثاني: نموذج الوسائط المتعددة:حيث لجئت بعض الجامعات في الاعتماد على جهاز الراديو لغرض التعليم عن بعد من بينها جامعة بنسلفانيا العريقة التي قدمت عدد من المقرّرات عبر الراديو، ثمّ اُستخدِمت أجهزة التلفزة حيث أطلقت جامعة ستانفورد مبادرة عام 1968 أطلقت عليها Instructional Television Network والذي قدمَ مقرّرات لطلّاب الهندسة على قناة تلفزيونية.بعد ذلك ظهر جهاز الحاسب الآلي الذي دخل المجال التعليمي في عام 1982، لكنها لا تخدم جميع المتعلمين؛ لكونها أنظمة مغلقة.ومن التطورات التي شهدها التعليم عن بعد المبادرة التي أطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Open Course Ware (مبادرة المقررات المفتوحة) والتي شملت 2000 مقرر مجاني ل 65 مليون متعلم من 215 دولة، ثم ظهرت أكاديمية خان عام 2008 والتي ضمت 71 مليون مستفيد.شمل هذا الجيل المؤثرات الصوتية والاتصالات البيانية المسموعة وبرامج الأقمار الصناعية.جمع هذا الجيل بين الوسائط المتعددة التفاعلية مثل: (البريد الالكتروني، قواعد البيانات، المكتبات الالكترونية، والمحادثات ذات الاتصال المباشر وغيرها من الوسائل الاتصالية والتعليمية. نظراً لتضمن المواد التعليمية فيها الوسائط المتعددة والمجهزة إلكترونياً بحيث تنتقل إلى الأفراد بواسطة جهاز الحاسوب. (الجندي،المبحث الثالث: التحديات التي واجهت عملية التعليم عن بعد:واجه التعليم عن بعد مجموعة من التحديات والمعوقات التي شكلت عائق أثر على سير العملية التعليمية، من أبرزها: فأشار %62 من المدرسين في البلدان ذات التقنيّة المتوسطة، أن العائق الرئيسي الذي تعذر معه التحاق المدرسين بالصفوف الافتراضية كان بسبب ضعف البنى التحتية (لجهة سرعة إنترنت)، في حين أ ّن 47.3% من المدرسين في البلدان المتقدمة تقنيّا واجهوا مشاكل من جهة ضعف الشبكة التي لم تتحمل الدخول المتزامن بأعداد هائلة من قبل التلاميذ،4% فكانت المشاكل التي واجهوها عدم وجود شبكات انترنت. (مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية، 2020)2. (عدم قدرة المتعلمين في التعليم التقني والمهني على التعلم في صفوف افتراضية في التخصصات التي تتطلب أعمالاً تطبيقية وتدريبات وتقييمات مباشرة في ورش العمل، بالإضافة إلى استخدام المعدات والأدوات والمواد اللازمة (كالعناية والرعاية الصحية مثلاً).3. شحّ الموارد الرقمية والتطبيقات التعليمية التي تتوجه للدارسين من ذوي الصعوبات التعلمية والاحتياجات الخاصة.4. عدم توافر التقنيات التي تمكن شرائح المجتمع من الوصول إلى الصفوف الافتراضية.5. آليات التقييم الواضحة وضمان نزاهتها وتنفيذها من قِبل المتعلمين أنفسهم.