هم نماذج صنع السياسة العامة 1 – نموذج الجماعة : أحدث هذا النموذج تحولا كبيرا في منظور علم السياسة، حيث حول اهتمامه من التركيز على الأبنية والمؤسسات الرسمية إلى العمليات والنشاطات والتفاعلات، أي الانتقال من الدراسة الجامدة إلى ديناميات الحياة السياسية، كما نقل محور اهتمام علماء السياسة من التركيز على الدولة إلى الجماعة دون أن يعير أدنى اهتمام للأفراد، إذ أن السلوك الفردي يصاغ من خلال الجماعة فهي التي تضبط سلوك أعضائها وتوجهه. ويقوم هذا النموذج على اعتبار أن التفاعل الحاصل بين الجماعات يشكل مركز السياسات العامة، ووفقا لهذا النموذج فإن السياسة العامة تتخذ مسارها الرغوب من قبل الجماعة التي تتعاظم درجة تأثيرها وضغطها من خلال عدد أفرادها الأقوياء، والثروة التي يحوزون عليها، و التنظيم المحكم والقوة التي تحيط بناءها، باعتبار أن الجماعة هي الجسر القائم بين الحكومة من جهة وبين الأفراد من جهة أخرى، 2 – نموذج النخبة : يرى أنصار هذا النموذج أنه لا يمكن لأي مجتمع مهما كان مستواه من التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أن يخلو من أقلية ماهرة تسيطر وأكثرية تخضع لحكم تلك الأقلية، التي يطلقون عليها اسم الصفوة أو النخبة. ووفقا لهذا النموذج تكون السياسة العامة هي تلك التي تعبر عن قيم و تفضيلات النخبة الحاكمة، وأنها كنخبة متميزة هي التي تشكل رأي الجمهور حول السياسة العامة وهي التي تأثر في الجمهور أكثر مما تتأثر هي به، 3- نموذج النظم : يقوم هذا النموذج على أساس مفاده أن السياسة العامة هي مخرج للنظام السياسي القائم في المجتمع والبيئة، بمعنى أنها استجابة النظام السياسي للحاجيات والمطالب المطروحة عليه، ويعتمد في ذلك المعلومات المطروحة من خلال المدخلات والمخرجات والتغذية العكسية. يساعدنا هذا النموذج على تنظيم معرفتنا حول صنع السياسة العامة، مثل كيف تؤثر المدخلات البيئية في السياسة العامة وتطبيق النظام السياسي وكيف تحول المطالب إلى سياسة عامة، إضافة إلى تأثير السياسة العامة في البيئة، وعلى الرغم من إسهامات هذا النموذج في تطوير الدراسات السياسية إلا أنه يأخذ عليه مايلي : فهو يكشف عن عناصر الاستمرار والاستقرار في النظام دون أن يفسر كيف ولماذا يتطور هذا النظام من وضع إلى آخر بصورة دقيقة، وبالتالي فهو غير صالح لتناول النظم السياسية في فترات التغيير الثوري - ينظر إلى الحياة السياسية نظرة ميكانيكية تتجاهل تعقيداتها وخصائصها المتميزة، حيث يتجاهل التاريخ، علما بأن الظاهرة السياسية ليست مقطوعة الصلة بالماضي. 4- النموذج المؤسسي : وفقا لهذا النموذج فإن الأنشطة السياسية والحكومية تتمحور من خلال المؤسسات الرسمية في الدولة وهي : المؤسسة التشريعية، التنفيذية والقضائية بحيث أن هذه المؤسسات الثلاث هي التي تتخذ القرارات وتصنع السياسة العامة، فالسياسة العامة وفقا لهذا النموذج تتبناها وتنفذها الحكومة، وهي التي تضفي عليها ثلاث صفات أساسية وهي : • الشرعية : بحيث تصبح هذه السياسات تحظى بالالتزامات القانونية التي تفرض على الجهات الأخرى والمواطن الالتزام والعمل بها بحيث تشمل كل أفراد المجتمع • الفرض : (الإجبار) : أي أن الحكومة وحدها هي التي تستطيع أن تفرض عقوبة على من يخالف سياساتها. كون أن الدولة لم تعد الفاعل الرئيسي والوحيد في ظل وجود دور بارز لقوى وأطراف أخرى، لذلك اتجه اهتمام المحللين إلى استخدام نظريات تتعلق بدراسة الجماعات والشبكات التي تحكم العلاقات بين الأفراد بدلا من الدولة. المحاضرة الثامنة : أهم نماذج اتخاذ القرار في السياسة العامة 1 – النموذج الكلي الرشيد : وفقا لهذا النموذج فإن القرار الرشيد أو السياسة الرشيدة هي تلك التي تحقق أكبر عائد (ناتج) اجتماعي، بمعنى أن يحقق هذا القرار أكبر قدر من الفوائد وبأقل قدر ممكن من التكاليف. وبالتالي فإنه من غير اللائق حسب هذا النموذج تبني أي سياسة أو قرار حينما تكون التكلفة عالية وتزيد من العوائد المرجوة منها. 2 – النموذج التدريجي : يعتبر هذا النموذج أن السياسة العامة ماهي في الحقيقة إلا استمرارية للنشاطات الحكومية السابقة، ومحاولة لتحسين الوضع بصورة آنية وجزئية. 3 – نموذج الفحص المختلط : صاحب هذا النموذج هو أميتاي إيتزيوني Amitai Etzioni ، الذي دعا إلى ضرورة إيجاد نموذج توفيقي في عملية صنع القرار واتخاذه، بحيث يأخذ هذا النموذج من النموذجين الكلي الرشيد والنموذج التدريجي، ما يعني أن مرحلة التخطيط تستدعي اعتماد النموذج الكلي الرشيد، وجاءت أفكار إيتزيوني بناء على الانتقادات التي وجهها إلى النموذج العقلاني على أساس أنه نموذج خيالي، وأن صانع القرار هو الإنسان الذي لا يمكن أن يتصف لكل صفات الكمال التي تؤهله لاتخاذ قرار رشيد، كما وجه انتقادات للنموذج التدريجي تجلت في أن الإنسان لا يعرف كل البدائل، وأن هذا النموذج يركز على حاضر المؤسسة وماضيها دون الاهتمام بالمستقبل. هي إحدى النظريات الكمية التي تنطلق في حل المشكلة من المعطيات والمعلومات المحيطة بالموقف لتجيب على أسئلة متكررة مفادها : هل المعلومات والمعطيات المتوفرة لدينا حقيقية وكاملة؟ أم لا؟ وهل الظروف المحيطة بالقرار مواتية ومناسبة لاتخاذ القرار؟ وما درجة المواءمة تلك؟ إن الإجابة عن تلك الأسئلة تجعل المدير أو الرئيس في وضعين مختلفين، وضع التأكد من المعطيات المتوفرة، بمعنى أن وضع القرار وظروفه والمعلومات المتوفرة مؤكدة، وأن الأسباب والعوامل العشوائية قليلة ومعلومة لدى صانع القرار كما هي، ومثل هذه الأوضاع تجعل من القرار يقينيا ويتصف بالرشد، و تكون احتمالات المخاطرة قليلة أو معدومة، في مثل هذه الحالة يفترض انعدام تأثير قانون الصدفة، لتبقى دقة التقديرات، وبالتالي دقة تحديد العلاقة بين المتغيرات المتوفرة، ويمكن لصانع القرار استخدام الأساليب الكمية والرياضية لضبط تقديراته كالمحاسبة الإدارية والبرمجة الخطية. • الوضع الثاني : وضع عدم التأكد يعود هذا الوضع إلى عدة أسباب من اهمها قلة المعلومات والحقائق أو تعارضها، ارتباط القرار بمتغيرات عشوائية لا يمكن التحكم فيها، ونسبة التحقق فيها ضعيفة، وإذا تنكرنا بأن القرار متعلق دائما بالمستقبل يتطلب جهدا باختيار احتمالات أكثر واقعية، الإشكال هنا يتوقف على الدوافع والحوافز التي تجعل متخذ القرار يضحي بالشكل الذي يمكنه من تقدير القرار الواقعي. وعليه فإن صانع القرار يجد أماه عوامل كثيرة تؤثر على عامل اليقين في نتيجة القرار منها العوامل المادية، السلوكية، كما أن المستقبل يكتنفه الغموض وتحيط به العوامل الطارئة. تقدم نظرية الاحتمالات الكثير لصانعي القرار، وترشدهم إلى جدوى القرار، ومن ورائه رشد التسيير وصولا إلى مفهوم الحكم الراشد على مستوى الإدارة، وإدارة الجودة الشاملة على مستوى إدارة الأعمال قصد تحقيق التنمية المستدامة والتنمية الشاملة بفضل صواب رشد القرار. 5- نظرية اللعب (المباراة) : Game theory