‏مقال رأي لنيل كويليام وسنام وكيل في مجلة فورين افيرز الأميركية كانت دولة الإمارات العربية المتحدة معروفة في الغالب بسوقها للعقارات الذي يعيش فترات ازدهار ثم كساد وهكذا، شهدت سمعة الإمارات تحولاً جذرياً. ‏أنفقت الإمارات في عهد رئيسها محمد بن زايد مليارات الدولارات على بناء وتحديث جيشها، كما جعلت دولة الإمارات من نفسها المركز المالي في الشرق الأوسط، وأقامت البلاد علاقات عمل مع كل الأطراف الفاعلة في المنطقة تقريباً، فضلاً عن كل قوة عالمية، ‏تمتلك دولة الإمارات طموحات واضحة: فبدلاً من أن تُعرف كلاعب إقليمي في المقام الأول، تريد الإمارات أن تكون مثل سنغافورة، حيث تريد ان تمتلك قوة عالمية واقتصادية لا تتناسب بشكل كبير مع حجمها من اجل ان تساعد في تعويض ضعفها الجغرافي، وحولت نفسها إلى وجهة سياحية ومركز للنقل والخدمات اللوجستية. ‏إذا حققت دولة الإمارات طموحاتها، فقد يضطر المحللون الذين يبحثون عن مقارنة مناسبة لتصوير صعود الامارات إلى النظر إلى عائلة ميديشي، الأسرة الحاكمة التي حكمت فلورنسا من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر. وحافظت على علاقات دبلوماسية قوية مع إنجلترا، وعززت العلاقات مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ‏تمتلك دولة الإمارات الكثير من المزايا من اجل دعم هذا الجهد: سكانها المتعلمون جيداً، فهي متسامحة نسبياً مع الأديان المختلفة. ‏الإمارات جزء من رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن لممر اقتصادي في الشرق الأوسط يربط بين الهند وأوروبا، وذلك بفضل استثماراتها في أسواقها، بل إنها قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن الإمارات مقيدة في سعيها إلى النفوذ والسلطة، وهي تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، ويتعين عليها أن تعمل على درء التطرف الإسلامي وعدم الاستقرار الإقليمي، وهي في نزاع إقليمي طويل الأمد مع إيران، التي هاجم وكلاؤها الأراضي الإماراتية سابقًا، كما تواجه منافسة شديدة من جارتها قطر، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتقوم بنشر استثماراتها التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وجعل السوق السعودي أكثر جاذبية للدول والشركات الأجنبية، وهناك إمكانية ان تؤثر العديد من هذه السياسات الاقتصادية سلبًا على مكانة الامارات وطموحاتها. ‏لقد أصبحت عائلة ميديشي قوية وظلت قوية على الرغم من المنافسة من الدول الأكبر، وسمحت ثروتها وخبرتها الاقتصادية ونفوذها السياسي في السير في دهاليز السياسة الدولية وإقامة علاقات مع الشخصيات والحكام المؤثرين في جميع أنحاء أوروبا، الأمر الذي سهل على القوى الخارجية دفع وجهة الدولة نحو هذا الطرف او ذلك، ‏من الممكن أن تواجه الإمارات صعوبات مماثلة. فقد يواجه قادة المستقبل منافسة من إخوانهم وأعمامهم وأبناء عمومتهم، فإن مثل هذا الاقتتال الداخلي يمكن أن يسحب الإمارات في اتجاهات متعددة، ويمكن بعد ذلك للدول الإقليمية المفترسة استغلال الخلل الوظيفي الذي تعانيه البلاد، من الممكن أن تكون الدولة نفسها هي سبب التراجع الذي قد تعيشه. ومن الممكن أن تفشل جهود البلاد لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، ‏لقد حرص محمد بن زايد المعروف بالحروف الثلاثة الأولى من اسمه، على تماسك الأسرة معًا، وقد اتفق الإخوة الستة بالفعل على أن نجل محمد بن زايد، مما يضمن على الأرجح انتقالاً سلساً للسلطة، فلابد أن تتمتع البلاد بالقدرة على تحقيق ما يفوق ثقلها. يمكن لدولة الإمارات القوية أن تساعد الغرب. فإن الامارات القوية قد لا تفيد أحداً باستثناء نفسها، فالبلاد طرف فاعل في التعامل المصلحي، كما قامت ببناء علاقات مع الصين وحافظت عليها مع روسيا، ‏تريد دولة الإمارات استخدام القوى الخارجية كما تراه مناسبًا، وبالتالي لا يمكن لأي قوة خارجية - وعلى رأسها الولايات المتحدة - الاعتماد عليها لتكون بمثابة وكيل لها في الشرق الأوسط. ‏تم إنشاء دولة الإمارات رسميًا عام 1971، بعد إعلان المملكة المتحدة انسحابها من شرق السويس عام 1968، حيث قام والد محمد بن زايد، ‏تقع الإمارات بين إيران والمملكة العربية السعودية، وقد خضعت على الفور للمنافسة بين جيرانها الأكبر منها بكثير، الذي حكم حتى وفاته عام 2004، عمل على تحقيق التوازن بين القوتين الثقيلتين السعودية وإيران، بدأت الحكومة الإماراتية العمل على تطهير المجتمع الإماراتي من التأثيرات الإسلامية المتطرفة، ومنعت الإسلاميين المحافظين أو المتطرفين المعروفين من نشر موادهم على الرأي العام، ‏كانت علاقة الامارات مع الولايات المتحدة ذات أهمية متجددة بالنسبة لدولة الإمارات، التي رأت أن العلاقات الأمريكية القوية هي ترياق لإدارة التحديات الأمنية الإقليمية، وبدأت ابوظبي في عهد محمد بن زايد، في الاستثمار بشكل أكبر في علاقتها مع واشنطن، بما في ذلك من خلال تكثيف القتال إلى جانب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، وكان للانضمام إلى تحالف واشنطن فائدة إضافية تتمثل في منح الجنود الإماراتيين الخبرة العملياتية والبدء في تحويل الإمارات إلى قوة عسكرية قادرة. ومع اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم العربي، اعتقد محمد بن زايد وإخوته أن جماعة الإخوان المسلمين كانت وراء الاضطرابات، وهي جماعة إسلامية مقرها الإمارات اتهمتها بتنظيم انقلاب، وصنفت الحكومة جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية عام 2014، ودفعت جميع فلول المنظمة المحلية إلى العمل السري، وبعد فوز محمد مرسي – وهو سياسي من جماعة الإخوان المسلمين – بالرئاسة بحرية في مصر، ساعدت الإمارات في رعاية الانقلاب العسكري الذي أطاح به من السلطة. ‏ساعدت مصر في تشكيل تفكير الامارات بطرق مختلفة، بدأت الإمارات تستنتج أن الولايات المتحدة لم تكن ملتزمة بأمن الشرق الأوسط، وقد أصيبت بخيبة أمل أكبر عندما فشل أوباما في فرض خطه الأحمر السيئ السمعة ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، بما في ذلك عن طريق إقامة روابط اقتصادية مع الصين، كما بدأت في استخدام جيشها لبسط قوتها الصارمة في جميع أنحاء المنطقة وتقويض الإسلاميين. قلدت الامارات جارتها إيران، وبدأت عام 2012 في تنمية الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل ضد الإسلاميين في مصر وليبيا والسودان وسوريا وتونس واليمن، كما بدأت في تقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستي والدبلوماسي لهذه الجماعات، وقد أدت التدخلات إلى إطالة أمد الصراعات في كل مسرح من هذه المسارح من خلال جعل من الصعب على الجماعات الإسلامية التي كانت صاعدة ذات يوم، ‏لقد قدم تدخلها في اليمن عام 2015 لمحة توضيحية عن كيفية قيام الامارات بتنفيذ تدخلاتها. انضمت الإمارات إلى تحالف عربي لمحاربة الحوثيين المدعومين من إيران، بينما دعمت أيضًا الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة (المعروف أيضًا باسم داعش) - وكلاهما لهما وجود في اليمن، كما استخدمت الإمارات الحرب الأهلية في اليمن لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين المحلية ودعم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، ومهد انسحاب الإمارات عام 2020 الطريق لتشكيل حكومة ائتلافية معترف بها داخليًا تضم المجلس الانتقالي الجنوبي، عواقب إنسانية مدمرة. لا يبدو أن محمد بن زايد - الذي أصبح الزعيم الرسمي للإمارات بعد إصابة شقيقه الأكبر بجلطة دماغية في عام 2014 - يشعر بقلق بالغ من أن اليمن قد أضر بسمعة بلاده، تمكنت من كسب الدعم الغربي المستمر لتوسيع القوة الإماراتية. وهي مملكة صغيرة أخرى تقوم على صادرات الطاقة، ‏لقد أظهر صعود قطر المذهل إلى الصدارة في التسعينيات، أن الحكام المتسامحين مع الإسلام السياسي قادرون أيضًا على توفير نوعية حياة عالية للمواطنين، ‏وتصاعدت التوترات بين قطر والإمارات طوال العقد الأول من هذا القرن، لكنه هذا التوتر برز بشكل خاص خلال الربيع العربي، حيث سحبت الإمارات سفيرها من الدوحة عام 2014 بسبب دعم قطر لقوى إسلامية ثم عملت الإمارات مع البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية عام 2017 من اجل حصار قطر حتى تمتثل لثلاثة عشر مطلبًا صارمًا وشملت هذه المطالب إغلاق قناة الجزيرة (المؤسسة الإخبارية الدولية الرئيسية التي تمولها قطر)، وخفض مستوى العلاقات مع طهران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية التي تستضيفها قطر منذ عام 2016. في مواجهة مثل هذه المقاطعة الإقليمية واسعة النطاق، لكن الإمارات بالغت في تقدير نفوذها، حيث قدمت تركيا مساعدات غذائية وأرسلت المزيد من الدعم العسكري إلى قطر، كما أرسلت إيران مواد غذائية، وسمحت للخطوط الجوية القطرية باستخدام مجالها الجوي، على الرغم من أن قطر لم تستسلم لمطالب الدول الاربع على ما يبدو. تتعارض بعض الأولويات الوطنية للمملكة العربية السعودية بشكل مباشر مع أولويات الإمارات، وتتنافسان على تنويع اقتصاداتهما بعيدا عن إنتاج الوقود الأحفوري. حيث بدأت السباق بعد ثلاثين عامًا على الأقل من الإمارات، لكنها حاولت بقوة التغلب على جارتها ففي عام 2021 على سبيل المثال، أعلنت السعودية أن الشركات الدولية المتعاقدة مع الحكومة سيتعين عليها إنشاء مقر إقليمي في الرياض بحلول عام 2024 - وهي محاولة واضحة لإقناع الشركات متعددة الجنسيات بنقل مقرها الرئيسي في الشرق الأوسط إلى خارج الامارات. وتستمر في تعزيز التسامح النسبي مع مختلف الأديان، بما في ذلك من خلال فتح كنيس يهودي، ولا تزال الإمارات تتقدم بفارق كبير على المملكة في جهودها للابتعاد عن الاعتماد على النفط، حتى في الوقت الذي تجتذب فيه السعودية الاهتمام والاستثمار الدوليين لخطط التنويع الخاصة بها. كما عملت الإمارات أيضاً على تعزيز شراكتها مع الولايات المتحدة، خاصة بعد توقيع إدارة أوباما على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (الذي يعتقد محمد بن زايد انه يضفي الشرعية على سلوك طهران الإقليمي التوسعي) إلا أن واشنطن تظل المزود الأمني المفضل لدى ابوظبي. ‏لقد عمل القادة الإماراتيون على بناء علاقات أقوى مع كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ويبدو ان الهدف النهائي هو التوصل إلى اتفاقية أمنية ثنائية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والإمارات من شأنها أن تخلق ضمانات أمنية دائمة وتمنحها حماية أمنية أمريكية مباشرة. ‏حاليًا تتفاوض الإمارات على صفقة، على الرغم من أنها تقدم التزامات اقل من اتفاقية الناتو التي تصورها محمد بن زايد، لكن الإمارات والولايات المتحدة لا تزالان متباعدتين، وقد ينتظر محمد بن زايد نتائج الانتخابات الأمريكية - التي قد يكون فيها الرئيس دونالد ترامب أكثر قبولًا للإقناع - قبل التوقيع على أي شيء. ‏ولكن الضمانة الأمنية القوية من واشنطن لن تتغلب على الميول الإماراتية للتحوط. ‏لا يزال محمد بن زايد وإخوته يقيمون علاقات أعمق مع خصوم واشنطن، وحتى مع بعض المعارضين التقليديين لدولة الإمارات، كما سمحت للروس بمواصلة قضاء إجازاتهم في المدن الإماراتية وإيداع أصولهم في البنوك الإماراتية؛ وزادت التجارة الثنائية بين روسيا والإمارات بنسبة 68% تقريبًا في عام 2022. أرسلت الإمارات أحد قادتها إلى طهران لتهدئة التوترات، ودفعت هذه المناقشات الإمارات إلى تجديد علاقاتها التجارية مع إيران، فإن ذلك لم يمنع وكلاء إيران في اليمن من مهاجمة مطار أبو ظبي في يناير/كانون الثاني 2022، وكانت الضربات بمثابة تذكير صارخ بأن حتى تخفيف التوترات مع إيران لن يضمن أمن الإمارات، ولم تقم ابوظبي باستدعاء سفيرها بعد بدء الحرب على غزة بعكس الأردن. وأظهرت مدى تركيز الإمارات على السياسة الواقعية بدلاً من القضايا العربية أو الإقليمية، بما في ذلك مستقبل الفلسطينيين، بل عكس الاتفاق المصالح المتداخلة بين الامارات وإسرائيل مثل القلق من ان الولايات المتحدة لن تساعدهما بعد الان في حال وقوع هجوم إيراني، وايضًا المخاوف التي يملكها البلدان تجاه وكلاء إيران ومخاطر التطرف الإسلامي، تأكيد علاقاتها مع إسرائيل، ‏كما اشترطت الامارات انه بدون وجود وقف إطلاق النار في متناول اليد، ‏لقد أدت اتفاقيات إبراهيم بالفعل إلى زيادة التعاون الدفاعي بين الإمارات وإسرائيل، كما ساعدت الاتفاقيات الإمارات على تطوير علاقات اقتصادية أعمق مع الولايات المتحدة، ومن المتوقع ان تصل المنافع الاقتصادية والتجارية من هذه الاتفاقيات الى نحو أربعة مليارات دولار في غضون خمس سنوات. ولا توجد أي تقديرات لمدى النمو الاقتصادي الذي أنتجته الصفقة حتى الآن، كما ستجعل الحرب من التكامل بين الدولتين أكثر صعوبة. ‏لم تكن علاقات الإمارات مع إسرائيل بمثابة نعمة للمبادئ الديمقراطية، ‏ومن الصعب أن نقول إلى أي مدى يشكل السلوك الاستبدادي في البلاد نقطة ضعف بالنسبة للحكومة. ‏هناك القليل جداً من البيانات بشأن الرأي العام الإماراتي، والعديد منهم موجودون بالفعل في السجن (وما زالوا في السجن منذ ما يقرب من عقد من الزمن)، على الرغم من أن العالم كله كان يراقب، ويبدو أن الإمارات لا تقلق كثيراً بشأن كونها دولة قمعية. ‏ربما كانت الإمارات ستقلق أكثر بشأن شكل حملتها القمعية لو كانت الاحتجاجات أكبر، ولكن يبدو الاماراتيون بشكل عام راضين عن الثراء والراحة التي توفرها دولتهم مقارنة بأماكن أخرى في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن المواطنين الفقراء من الإمارات الشمالية الذين فقدوا أحباءهم في القتال في اليمن قد أعربوا عن بعض السخط، ‏إن فكرة ان معظم سكان الدولة من الأجانب يمكن أن يخلق تحديات مستقبلية لحكام البلاد. ‏يبلغ عدد سكان الإمارات 9. منهم حوالي 665 ألف مواطن إماراتي، والذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق من قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية بسبب تعريض العمال المهاجرين للانتهاكات، ‏وعلى الرغم من أن السلطات الإماراتية قد أصدرت عدداً من القوانين لمعالجة هذه المشاكل، ويستمر نمط الاستغلال، حيث تسود الحاجة إلى التحويلات المالية من الامارات في النهاية، ولذلك يبدو من غير المرجح أن يؤدي هؤلاء العمال إلى تقويض الحكومة بشكل خطير، على الأقل في المستقبل القريب. أصدرت الامارات عام 2010 رؤية الإمارات 2021، والتطوير التكنولوجي، وأنشأت تأشيرات جديدة طويلة الأجل تهدف إلى جذب العمال ذوي المهارات العالية، لكن الخطة لم تصل الى المستوى المطلوب في العديد من المجالات الحاسمة، فقد فشلت البلاد، ولم تفعل ما يكفي لإدخال المواطنين الإماراتيين في قوة العمل. ‏وعلى الرغم من أن الامارات أصبحت أقل اعتماداً على النفط اليوم مما كانت عليه في الماضي، ولا تزال صناعاتها المصرفية والسياحية - التي تعتبرها الإمارات مستقبل البلاد - قوية، وتقول الدولة إنها ستستثمر هذه المرة المزيد في الرعاية الصحية والتعليم وصناعات التكنولوجيا لتنويع الاقتصاد، كما تدعي أنها ستعمل بجهد أكبر للابتعاد عن الوقود الأحفوري. ‏لقد ساعدت الامارات في اقناع ما يقرب من مائتي دولة خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) على الموافقة على التحول بعيداً عن الكربون، فقد التزمت الدولة بزيادة الاستثمار في صناعة الوقود الأحفوري على المدى القريب، وعندما يتعلق الأمر بمكافحة تغير المناخ، تستثمر بشكل شبه حصري في تقنيات مثل احتجاز الكربون، ‏ستحتاج دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن تكون أكثر جدية بشأن تغير المناخ، وسوف تحتاج أيضاً إلى القيام باستثمارات حقيقية في تحسين إنتاجية مواطنيها وتعزيز أمنها. ‏يمثل الشرق الأوسط بيئة أمنية قاسية ولا ترحم، وبالتالي فإن ضمان استدامة حكم الأسرة وطول عمر دولة الإمارات قد يتطلب المزيد من الثروة والمزيد من السلطة. لعب محمد بن زايد دوره بفعالية، فقد أصبحت الامارات بمثابة دراسة حالة لكيفية قيام الدول الصغيرة بدور كبير في السياسة والاقتصاد الدوليين، وقد أدت النزاعات على الميراث والخلافة على مر القرون الى جانب، مع وجود قادة أقل موهبة على رأس السلطة، عانت الأسرة من خسائر مالية وسياسية كبيرة أدت إلى زوال السلالة. ‏يواجه محمد بن زايد وإخوته العديد من التوترات نفسها التي أدت في النهاية إلى انهيار عائلة ميديشي. لكن لديها تاريخًا من الاقتتال الداخلي، وقد تمتد الصراعات المحلية في هذه الدول إلى حدودها. ‏كما تواجه الإمارات تحديات لم تكن تواجهها عائلة ميديشي، وكما يعلم محمد بن زايد جيداً، ‏إن تحقيق طموحاتها العالمية سيساعد الإمارات على التغلب على هذه التحديات، ‏فعلى الرغم من ان دولة الامارات قد تبدو متقدمة على جيرانها الان، الا ان العديد من الدول بدأت باللحاق بها وتقوض امنها، وبدلًا من محاولة الانغلاق على نفسها من اجل مواجهة هذه التحديات، فأن المصالح الأمنية والاقتصادية الطويلة الأمد للبلاد سوف تتحقق بشكل أفضل من خلال إطار أمني إقليمي أقوى ــ وهي العملية التي تتطلب تكاملاً إقليمياً أعمق وآليات أكثر فعالية لحل الصراعات. ‏قد يؤدي الاقتتال العائلي في نهاية المطاف إلى زوال دولة الإمارات - فلا شيء يدوم إلى الأبد - ولكن ما لم تتمكن من السيطرة على جغرافيتها، فأن زوالها قد يجري على يد القوى المهيمنة المحيطة بها في جوارها القاسي. ان الامارات يجب ان تقبل بانها ستظل محاصرة بين إيران والسعودية وتركيا، ولا تستطيع الامارات السبع الهروب من قيودها المادية، لكن سيتعين على الامارات أن تصل إلى عام 2071 ثم تتجاوزه قبل ذلك.