يعود اختراع صناعة الورق في الصين لعام 105 م عندما استخدم الصينيون أليافا نباتية بطريقة رخيصة وفعالة، ومع ذلك اقتصر هذا الاختراع الاستثنائي على مكان مولده لأكثر من ستة قرون قبل الشروع في رحلته الطويلة والشاقة نحو الغرب. ومن المحتمل جدا أن الصينيين أبقوا على صناعة الورق سرا من أسرار الدولة، حيث تم اختراعه في الأصل من قبل أحد كبار المسؤولين في القصر الملكي، وقد يفسر ذلك الفترة الطويلة (حوالي 650 عاما) التي استغرقها الورق للوصول إلى قاموس أوكسفورد الكلاسيكي، بحسب الكاتب والأكاديمي بجامعة ييل عبد الواحد الحناوي. وعلى الرغم من أن إنتاج وبيع ورق البردي المصري ظل يخضع لضوابط وسيطرة حكومية صارمة فإنه لم يكن لدى الحكومات في مصر ما تخشاه، فقد كان ورق البردي نباتا أصليا في مصر فقط، وبالتالي حتى لو كان سر تصنيعه معروفا لدى الشعوب الأخرى فلن يكون بمقدورها توفير مواده الخام، وقد حاول الخليفة العباسي المستعصم إدخال صناعة ورق البردي في عاصمته الجديدة سامراء نظرا للاضطرابات المتكررة في مصر القرن التاسع الميلادي لكن هذه المحاولات لم تؤت ثمارها، بحسب دراسة الحناوي المنشورة في دورية رابطة مكتبيي الشرق الأوسط أما بالنسبة للاختراع الصيني فالحالة مختلفة بحسب دراسة الحناوي، فالمواد الخام اللازمة لإنتاج الورق متوفرة في كل مكان، وعندما أُسر صانعو الورق الصينيون ساهموا بإنشاء أول معامل لصناعة الورق في سمرقد، وبعد ذلك بفترة قصيرة انتقلت صناعة الورق لخراسان، وهكذا تعلم العرب فن صناعة الورق رغم أنه من المحتمل أن يكونوا قد أحضروا بعض الأوراق الصينية في وقت ما في القرن السابع الميلادي أو قبل ذلك عبر طرق التجارة التقليدية مع الشرق القديم أو عبر البحر بواسطة التجار والبحارة العرب. وازدهرت مصانع الورق في أنحاء العالم الإسلامي، وفي بغداد عرف العرب صناعة ورقة أكثر سمكا، وأصبحت الطواحين التي تعمل بالطاقة المائية عاملا مهما في إنتاج الورق مبكرا، وجرى تصنيع الورق الدمشقي في الشام والحجاز بداية القرن الثامن الميلادي، وكذلك صناعة الورق من الكتان والقنب في المغرب العربي. وفي القرن الثاني الهجري أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بالتوسع في إنتاجه بسمرقند واستخدامه في المجمعات العلمية والدواوين ببغداد لينهي استخدام الرق وورق البردي، وانتعشت صناعة الورق في عهد المنصور، ونقلها الخليفة هارون الرشيد إلى بغداد التي أنشأ فيها مصانع الورق بعد أن أثبتت فعاليتها.