أما على المستوى الفكري فيعد العصر العباسي علامة فارقة في نشاط المسلمين العلمي والفكري، وتزامن هذا النشاط مع اتساع الدولة وقوتها سياسيا واقتصاديًا وعسكريًّا، فكانت بحق دولة العلم والمدنية التي لا تنافس في عصرها . ومن الشواهد الموجزة على ذلك ما يأتي : تدوين الحديث النبوي، فكتب الصحاح والمسانيد والسنن كلها دونت في هذا العصر. واهتم العلماء بالتفسير وعلوم القرآن ومصطلح الحديث وأصول اتساع علوم العربية اتساعًا نتج عنه جمع ألفاظ اللغة، ووضعت قواعد اللغة والنحو العربي الذي تبارى العلماء في إجادته والتوسع فيه، وطريق النقل والترجمة، وكان الطريق الثاني كان الخلفاء العباسيون يعنون بالترجمة عناية واسعة، أول من شجع على الترجمة حيث نقلت في عهده كتب كثيرة في الفلك والهندسة والحساب والمنطق والطب، كما وقد أذكى جذوتها حينئذ إنشاء دار الحكمة وجعل من مهام هذه الدار إرسال البعوث إلى بلاد الروم لجلب أنفس ما في خزائنها لترجمتها .