عدت من انجلترا فى أواخر شهر أكتوبر . ونزلت في ( دبي ) ، كان مسلم وابن الكمام ينتظرانى ، وقد أتيا من اليمن لينضم إلى في رحلتي . وغادرنا ( دبى ) إلى ( أبي ظبي ) فى السابع والعشرين من الشهر وكنت معتز ما أن أغادرها إلى البوريمي في الحادي والثلاثين من الشهر ، ولكن هطول الامطار الغزيرة حال بيننا وبين السفر فنصحنا شخبوط أن نبقى يوما آخر فى ( أبي ظبي ) . وفى أول يوم من شهر نوفمبر بدأنا رحلتنا فوصلنا ( الموبقع) بعد أربعة أيام ، واستقبلنا زايد هناك وأنبأنا أن ابن قبينة و ابن غبيشة وعمير سيعودون حالما يسمعون بوجودنا ووصل الثلاثة فى وقت متأخر من الليل، وعلمنا منهم أنهم قضوا الصيف في نهب القبائل المعادية. والخدمة كجنود باحثين عن الثروة مع الشيوخ المحليين كنت توانا إلى استكشاف واحة ) اللوى ) قبل أن أبدأ رحلتي إلى عمان ، وقد نصحنى زايد أن أصطحب شيخا من آل رشيد يدعى (ابن طاهی) كدليل عرف عنه أنه يعرف كل زاوية وثقب ماء في الصحراء . وقد ابن قبينة من هذا الاختيار وأيده . وغادرنا ( مو يقع ( فى الرابع عشر من شهر نوفمبر وقضينا قرابة الشهر نتجول عبر ) لوى) حتى (ضفاره) وكانت رحلة ممتعة وسرنا في القفار حتى بلغنا ببر ( الحمة ) وهناك عثرنا على آثار رجال وإبل ، وقرر رفاقى أن هذه كانت آثار ( على المرسى) وقافلة مؤلفة من ثمانية وأربع بين رقيقا أخذهم معه إلى الأحساء ويبدو أن الثروة الضخمة التي ظهرت في السعودية عن طريق شركة أرامكو الأمريكية كان لها أثر كبير في رواج تجارة الرقيق في هذه البلاد . وحدث بعد يومين أن ذهب رفاقى لسقيا الإبل من بترخيمنا إلى جوارها وفجأة سمعت طلقات وصياحا ، وعاد الرفاق في عجلة من امرهم وأخذوا يستحثوتى على الركوب ، وفهمت أخيرا أن بعض اللصوص هاجموا البئر و لما تمض ساعتان حتى كنا قد لحقنا بهم، وتقدم ابن طاهى منهم وصاح : أيها اللصوص ، من آل رشيد أنتم أم عوامر . أم أعداء ؟ فأجابه اللصوص : نحن أصدقاء من المناهل وتقدم أحدهم الى الامام وخاطب ابن طاهي الذي رجع الينا قائلا : إنه جمعان بن دويلان أخو ( البس) الذي قتله ( اليم ) فى العام الماضى ، معهم فعلمنا منهم أنهم سرقوا جمال المناصر والمناهل حلفاء آل رشيد ، لهذا لم يكن المناصر بذى أهمية لدينا ، وهمس ابن الكمام في أذنى أن أعرض عليهم خمسة وعشرين ريالا ليعيدوا الجمال، وسيكون هذا العمل مبعث سعادة لزايد، وهو واثق أننا ان نسلبه الجمال غصبا، ثم ودعونا وانطلقوا وعندما عدت الى ( مو يقع ( أخبرت زايداً بما حدث فقال : بالله يا مبارك لو أنك قتلت جمعان لمنحتك خيرة إبلى فهو اكثر اللصوص ازعاجا لنا . وتناولنا العشاء في قصر زايد وبعد العشاء امتلات الغرفه بخدم زايد وكانوا يحملون الصقور على أيديهم وهى صقور مدربة على الصيد ، ولا تكاد تفارق صاحبها حتى ساعة الأكل والنوم ، ويسمى الأعراب الصقر شاهينا وجمعها شواهين ، وهناك نوع آخر من الصقور يسمى ( الحر ) أو الصقر المنقب وهو يساوى في ثمنه ضعف ثمن الشاهين وفهمت من أحدهم أن اهل نجد يفضلون الحر على الشاهين لحدة إبصاره وإن كان الشاهين أسرع وأشجع . ودخل علينا زايد فنهض الجميع احتراما له ، زايد اننا سنقوم برحلة صيد فى الصحراء الجنوبية الغربية ، وانطلقنا من القلعة ومعنا خمسة وعشرون من أتباع زايد وسرنا و استعد حاملو الصقور ونادوا كلابهم السلوقية متوقعين أن يجدوا طائر الحبارى ) وهو طائر اليف بحجم دجاج الحبش يصل الجزيرة العربية من فارس والعراق وسوريا في بداية الشتاء . وفجأة أشار لنا أعرابى أنه عثر على آثار حديثة وأدرنا جمالنا نحوه ووجدنا طائراً يرتفع في الجو على بعد أربعمائة باردة وأزاح أحد الرجال الغطاء عن راس صقره وأطلقه فلحق بالطائر في سرعة عجيبة ثم صاح فأخذنا نعدو فوق الرمال . وعثرنا على الصقر فى حفرة ، وكان ينقر طير الحبارى . الرجال عن جمله وفتح رأس الطائر وأعطاه للصقر . وأشار زايد إلى بعض البقع الزيتية على الأرض وسأل : أترى هذا ؟ إن طير الحبارى برشها وإن هذه المادة إذا دخلت عين الشاهين أعمتها في الحال أما إذا وصلت إلى ريشه فإنها تحيله إلى خليط قذر يعوقها عن الطيران . وسألت زايدا كم طائرا يستطيع الصقر أن يصيده في اليوم . الصقر الجيد يستطيع أن يصيد ثمانية أو تسعة في اليوم - هل ترى أين تقاتلا ؟ ثم أشار إلى خط من الريش طوله حوالى الخمس والعشرين يارده على الرمال وقال : بوسعك أن ترى أى معركة قامت بينهما . أن يصعق شاهينا بضربة من جناحه . ورأينا جماعة من الحبارى على بعد خمسين ياردة منا ولكن الصقر الذي كشف زايد قناعه، ما فوق رأسه ثم أشار إلى نسور أربعة تطير فوقنا ثم قال : إن الصقر خائف ومرة أخرى انطلق الصقر وراء حبارى أخرى . عاد إلى زايد وضرب على صدره . فقد انقض عليه نسر وأدهشني أن النسر تجاهل الحبارى وانقض على الصقر . وقال زايد وهو يربت على الطائر الخائف : لافائدة من البقاء هنا مع وجود النسور . وقد أخذ التعب مناكل مأخذ . وزاد من سرورى أننا استخدمنا الطريقة لاطريقة استخدام السيارات ، كما أصبح شائعا في نجد . وعدنا إلى ( مو يقع ) بعد شهر . وكان ابن قبينة قد وصل من صفارة بينما بقي ابن غبيشه وعمير في البوريمي. وأخيرا أرسل زايد ، سرا ، وهو شيخ من شيوخ الدورو عند بنر ( قسيورة ) وقال لى زايد إن سالم يستطيع ارشادكم عبر بلاد الدورو وسيقوم بتوصيلكم الى ( العز ) لأن قبيلي (الجنوبا ) والدورو من الغفريين. أعظم رجال ( الجنوبا ) . وسيساعدكم . والله وحده يعلم كيف ستخرجون منها .