كيف تلقى الصحابة السنة عن الرسول ؟ ذلك المعين الذي لا ينضب ، والهداية العظمی ، فتفانوا في الدفاع عن مبادئهم وحماية قائدهم ومعلمهم ، " ، وبهذه الروح السامية والحيوية الدائمة أقدموا على تلقي العلم عن الرسول صلى الله عليه و سلم. ويمكننا أن نوجز طرق تلقي الصحابة السنة عن الرسول صلى الله عليه و سلم فيما يلي: [ 1 ] مجالس الرسول صلى الله عليه و سلم : كانت جميع مجالس الرسول صلى الله عليه و سلم مجالس علم وفائدة ، وكان قد خصص الرسول صلى الله عليه و سلم - كما أسلفنا - أوقات معينة لتعليم أصحابه ، وكان الصحابة يحرصون على حضور هذه المجالس حرصا شديدا ، وقد يعسر على بعضهم الحضور فيتناوبون مجالسه عليه الصلاة والسلام ، قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية ابن زيد ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك . وكان الصحابة يتذاكرون دائما ما يسمعون من رسول الله صلى الله عليه و سلم , قال أنس بن مالك : كنا نكون عند النبي صلى الله عليه و سلم فنسمع منه الحديث ، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه . من هذا ما رواه الخطيب البغدادي عن ابي هريرة رضي الله عنه أنه قال جزأت الليل ثلاثة أجزاء : ثلثا أصلي ، وثلثا أذكر فيه حديث رسول الله [ ۲ ] حوادث تقع للرسول صلى الله عليه و سلم نفسه ، فيبين حكمها ، وينتشر هذا الحكم بين المسلمين بمن سمعوه منه ، وقد يكونون قلة فيبعث الرسول من ينادي في الناس بذلك الحكم. فأوحي إليه أدخل يدك فيه ، فأدخل يده ، فإذا هو مبلول ، فيصحح له خطأه و يرشده الى الصواب ومنها ما يتعلق بغيره ، وجميعها من الوقائع التي تعرض للإنسان في حياته ، فترى الصحابة لا يخجلون في ذلك كله ، ليقفوا على حقيقة تطمئن قلوبهم إليها ، وتثلج صدورهم عندها وقد يخجل صحابي من رسول الله صلى الله عليه و سلم فيكلف غيره عبء السؤال . و قد يختصم اثنان في قضية أو يختلفان في حكم ، فيرجعان إلى رسول الله ليفصل بينهما ويبين وجه الصواب. ويبعد أن ينسى هذه الحوادث من وقعت له وسأل عنها الرسول صلى الله عليه و سلم ، بل واقعة بارزة من وقائع عمره . وهذه كثيرة جدا في صلاته وصيامه وحجه وسفره وإقامته . فنقلوها إلى التابعين الذين بلغوها إلى من بعدهم ، وهي تؤلف جانبا كبيرا من السنة ، من هذا ما رواه عبد الله بن عمر انه : رأی رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة. ما رواه علي بن أبي طالب فقال : كان آخر كلام رسول الله : الصلاة الصلاة ، فمنهم المكثر من حفظها ، وتكفلوا بنقلها إلى التابعين . وكان المسلمون يسألونه عن أمورهم وأحوالهم ، لذلك نرى الأعرابي البعيد عنه يسأله كما يسأل الصحابي الملازم له ، كلهم يريدون الحق إن هؤلاء الصحابة الذين يسألون الرسول صلى الله عليه و سلم في خصوصياتهم وأمور ذويهم ،