غياب نص قانوني عام يكرّس صراحة الاتفاقات حول المسؤولية العقدية لا ينقص من أهمية الدور الذي يحظى به الجانب الاتفاقي في العقود فالأصل في الأشياء الاباحة وصحتها الى ان يثبت خلافه.فلئن كان البعد القانوني كافيا لوضع نظام المسؤولية العقدية في إطاره إلا أنه لن يكشف عن الوجه الآخر لهذه المسؤولية خاصة إذا ما تم ربطها بالمادة التعاقدية وما تعهد به من دور للإرادة في إنشاء وتغيير وإنهاء الالتزامات لذلك كان لابد من الإقرار بالجواز المبدئي لاتفاقات تعديل المسؤولية. وذلك لاعتبارها إمكانية تظل متاحة للمتعاقدين تستمد مشروعيتها من علوية مكانة الإرادة في العقد، فيكون لها بعد نشأته حق التعديل في أحكام المسؤولية العقدية التي تترتب عن الإخلال به، إذ يمكن للإرادة أن تتجه إلى التشديد من مسؤولية المدين كما يمكنها أيضا أن تتجه إلى التخفيف منها، بل يصح أحيانا أن تتجه الإرادة إلى الإعفاء كليا من المسؤولية. وتأسيسا على ذلك فان الاتفاقات حول المسؤولية العقدية تتمتع بنطاق واسعا (الفصل الأول). وإذا كانت هذه الاتفاقات قد نشأت صحيحة ومستوفية لجميع شروطها القانونية فهي تلزم عاقديها بكل ما يرد فيها، فهي تتضمن قوّة تحتم على طرفيها الرضوخ والإذعان لها بكل ما تحتويه فلا يستطيع أحد أطرافها أن يستقل بنقضها أو تعديلها ما لم يصرح الاتفاق أو القانون بذلك ويطلق على هذا المبدأ بالقوة الملزمة للعقد الذي يعدّ من أهم المبادئ المستنتجة من مبدأ سلطان الإرادة.