تتمتع السعودية بأهمية جيوستراتيجية خاصة لامتلاكها ربع احتياطي النفط العالمي وموقعها على الخليج العربي والبحر الأحمر، مما جعلها هدفاً لقوى دولية متنافسة. لذا، اعتمدت المملكة على تطوير علاقاتها مع قوى دولية، خاصة الولايات المتحدة، للدفاع عن أمنها. بدأ التعاون العسكري بين البلدين منذ عهد الملك عبد العزيز، بدعم أمريكي لتطوير القدرات العسكرية السعودية، وتبلور هذا التعاون خلال الحرب الباردة، حيث شكلت معاداة الشيوعية أرضية مشتركة. اعتبرت الولايات المتحدة، بموجب "مبدأ ترومان"، منع النفوذ الشيوعي في المنطقة مصلحة حيوية، وهو هدف سعته المملكة أيضاً. ازداد الاهتمام الأمريكي بالمملكة خلال الحرب الباردة، لتصبح حجر زاوية في سياسة الاحتواء السوفيتي. لكن المملكة، رغم التعاون الاستراتيجي، أصرت على استقلال قرارها السياسي، ورفضت وجوداً عسكرياً أمريكياً مباشراً على أراضيها، كما تجلى في رفضها طلبات أمريكية متكررة لوجود عسكري، وسعيها لتنويع مصادر تسليحها من فرنسا، بريطانيا، ألمانيا والصين. يُعزى هذا إلى أولوية المملكة لاستقلالها السياسي. من جهة أخرى، وظفت المملكة علاقاتها مع الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، لخدمة التنمية الاقتصادية والتقنية، مع الحفاظ على هويتها الإسلامية وثقافتها. بدأ التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين مبكراً، قبل الاعتراف الدبلوماسي، وتطور مع اكتشاف النفط. أدت اتفاقية التعاون الاقتصادي والأمني عام 1974 إلى تأسيس لجنة سعودية أمريكية لتنسيق التعاون. كما استفادت المملكة من الخبرات الأمريكية عبر برامج التدريب والتعليم، في حين شكلت سوق عمل للكثير من الأمريكيين. باختصار، علاقة المملكة بالولايات المتحدة، رغم تعقيداتها، تُشكل شراكة استراتيجية متوازنة تخدم مصالح الطرفين، مع إصرار المملكة على سيادتها واستقلال قرارها.