برز أبو تمام في ظرف مميز وهو حركة الترجمة الواسعة لعلوم الأوائل من اليونان والفرس والهند فتشبع بكل هذه العلوم وهذه الثقافات حتى قوي عقله واتسع خياله ورسم لنفسه مذهبا خاصا به وهو تجويد المعاني وتسهيل العبارة ، استكثر الحكم في شعره واستدل على الأمور بالأدلة العقلية والمنطقية ولو أدى به ذلك إلى التعقيد أحيانا وهذا ما يمكنك أن تقف عليه من خلال بائيته المشهورة التي مطلعها : -2- المتنبي : دارت الحكمة عند المتنبي حول عديد من قضايا الحياة التي يحياها، الخ. ولعل الحكمة عند المتنبي اتجهت إلي ثلاث مناح رئيسية: فهو طموح النفس، :إلي كم ذا التخلف والتواني *** وكم هذا التمادي في التمادي. أما المحور الثاني: فقد تناول فيه المجتمع، يشير إلى ما استشري فيه من فساد ناقدا أهله وتصرفاتهم، كاشفا ومحللا لنفوسهم. إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا نبكي علي الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الـــــــــــدنيا فلم يتفرقوا 3- البحتري : فكان شعره كله بديع المعنى حسن الديباجة ، صقيل اللفظ ، سلس الأسلوب كأنه سيل ينحدر إلى الأسماع ، لذلك اعتبره كثير من الأدباء الشاعر الحقيقي فإنه لم يرض عن إقحام الشعراء المنطق والتعقيد المعنوي في الشعر، فقال أبياته المشهورة التي منها قوله: كلفتمونا حدود منطقكم والشعر يغني عن صدقه كذبه