نستطيع أن نقول ما نرغب فإن هذا البلد حر، ونعتبره كمسلمة واضحة بذاتها ومفسرة ذاتيًا، ولا يمثل هذا التعبير مشكلة لفهمنا ولا لفهم رفاقنا، بمعنى أن الحرية هي مثل الهواء الذي نتنفسه، ولا نضيع الوقت في مناقشته أو الجدل حوله والتفكير فيه إن لم نكن في ازدحام أو حجرة دراسية ونجد التنفس صعبا. ويعمل هذا الكتاب على إظهار أن ما نعتبره واضحا جليا (إذا اعتبرناه هكذا على الدوام هو أبعد عن أن يكون هكذا، ووضوحه المعروف ينبثق من مجرد استخدامه المتكرر، كما سوف نرى أن الإساءة في استعماله له تاريخ طويل غير متواصل ونادرا ما نتذكره، وهذا التاريخ شيء شديد الغموض جدًا أكثر مما نحن مستعدون لقبوله. إنه باختصار يوجد الكثير بالنسبة إلى الحرية أكثر مما تراه العين. دعنا نعود للحظة إلى التعبير الذي بدأنا به، ماذا يخبرنا إذا نحن أنصتنا إليه باهتمام وبحرص؟ إنه يخبرنا أولاً أن في حالة الحرية ربما نعمل أنا وأنت تحت وضع مختلف قد يكون إما مستحيلاً وإما خطيرًا، نحن نستطيع أن نعمل ما نرغبه أو ما نريده بدون خوف من عقاب أو سجن أو تعذيب أو اضطهاد. مع ذلك دعنا نلاحظ أن التعبير صامت حول كيف يكون فعلنا مؤثرا؟ فلا يضمن "البلد الحر" أن ما نفعله سوف يوصل إلى الهدف،