القبيلة لقوانين صارمة نظمتها التقاليد والأْعراف. ويلجأ أفراد القبيلة في حل الخلافات التي تنشأ بينهم إلى محاكم قبلية خاصة لها قوانينها المتوارثة، ولكل جرم أو تعدٍ أو دم عقاب رادع يهدف في النهاية إلى حفظ أهم مقومات الشرف في القبيلة وهي: المال والدم والعرض. للقاضي مكانة رفيعة في القبيلة. والقضاء القبلي نظام متكامل يغطي كل الأنشطة المعروفة لدى القبيلة. ويثق أفراد القبيلة في قضاتهم ثقة راسخة لا تتزعزع، لأن أحكامهم تنبع من أعراف العشائر وتقاليدها. وتطلق القبائل على قضاتها أسماء تختلف باختلاف القبائل وأماكنها، فيسمى القاضي في بعض بلدان الجزيرة العربية والشام والعراق باسم العارف، وسمي بذلك لأنه يفترض فيه المعرفة العميقة الشاملة لأْعراف القبيلة وعاداتها. ويسمى عند بعض القبائل أحيانًا باسم الفريض؛ لأنه يفرض بحكمه الجزاء الواجب تنفيذه طبقًا لأعراف القبيلة؛ وكذلك يعرف لدى بعض القبائل باسم المرضي؛ ذلك لأن الأطراف المتخاصمة ترضى بحكمه. ومنزلة العارف تلي منزلة شيخ القبيلة مباشرة. أن يفصل في بعض الخصومات مثل المنازعات التي تقوم بين أفراد قبيلته حول الأراضي. يستند العارفون (القضاة) في معظم أحكامهم إلى العادات والأعراف القبلية التي توارثتها القبيلة جيلاً عن جيل. وتسمى هذه العادات والأعراف السوادي أو العوايد. وقد تمرس هؤلاء العارفون بازدياد القضايا التي يفصلون فيها واشتهروا بسعة الإدراك والذكاء حتى اعتبرت أحكامهم أساسًا مرجعيًا للقضاء القبلي وهو ما يسمى عندهم المثيلات، وهو يطابق ما يسمى في الفقه القضائي الحديث السوابق القضائية.