تشير ظاهرة الارهاب في العالم الى ازمة فكرية تعيشها المجتمعات المختلفة التي تؤمن بفلسفة العنف في تحقيق أهدافها، ويعبر تفشي اعمال العنف على الصعيد الدولي عن قطيعة سياسية وفكرية تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية، ومحاولات بعض الجهات دولا كانت ام جماعات " السيطرة الايديولوجية والفكرية على البعض الآخر وخلق نوع من الانحراف الفكري لديها وصولا الى جعلها أكثر قابلية للنزعة المتطرفة بغية تحقيق اهداف سياسية أو اقتصادية أو غيرها من الاهداف التي يسعى الفكر المتطرف الى تحقيقها. لقد عانت دول عدة من شيوع ظاهرة التطرف الفكري ، فأضحى غياب التسامح وحضور التعصب سمتين بارزتين تؤسسان للتطرف الايديولوجي والعنف السياسي او الارهاب الفكري والمادي بصور متعددة ، بينما البعض الآخر من الدول التي التجأت الى الحلول الأمنية البحتة فقط اخفقت في السيطرة على هذه الظاهرة ، حتى امست تلك الانشطة الارهابية وممارسات الفكر المتطرف كأنه جزء من الحياة العامة فيها . إن الفصل الخاطئ بين التطرف والتعصب السياسي والديني والفكري من ناحية وبين العنف والارهاب من ناحية اخرى هو الذي هيا الارضية لانتشار ظاهرة الارهاب وانتقالها بين المجتمعات. وهو ما يؤكد ان العنف والارهاب افراز طبيعي للتطرف والتعصب، وأن معالجة التداعيات الآنية مهما كانت الوسائل المستعملة، لا تستقم دون معالجة اسباب تلك التداعيات والبحث في متبنياتها وحواضنها الفكرية والنفسية. وتجسير العلاقة والوفاق بين القوى الديمقراطية حول قيم المجتمع المدني وحقوق الانسان، ونشر مبادئ التسامح بين الاديان والثقافات وتحقيق سياسات اقتصادية واجتماعية تؤمن الشرائح الضعيفة والبسيطة من المجتمع ضد الاقصاء والتهميش هي اطر واجبة التنفيذ في وضع المعالجات الجذرية لظاهرة الارهاب والتطرف الفكري. ويتطلب ذلك وعيا وتحركا رصينا ومتمكنا من اجل مراجعة جدية التبعيات السلبية للخيار التحديثي والتنموي وذلك بتحقيق مصالحته مع المرتكزات الحضارية والثوابت العميقة للحضارة العربية الاسلامية في مقابل التغريب وتصدع الهوية الذي انعكس غلوا مضادا. ثم يقوده انعدام الثقة المتبادل والخارج عن السيطرة إلى انقطاع التواصل . لكن يبدو أن العولمة غذت حركة العنف التواصلي المتسارعة فبتكثيفها للتواصل المرضي تقوم بتوزيع الادوار غير عادل مقسمة العالم بين رابحين ومستفيدين وخاسرين بحيث يصبح التفاهم التبادلي أصعب فأصعب في مواجهة هذه التحديات التي تطرح " حيث يجب التركيز من خلال الاصلاحات التربوية والسياسات الثقافية على بناء قاعدة صلبة ومتينه لمشروع المجتمع المنشود الذي ينفتح على دواعي العصر، دون التنكر للثوابت بغرس قيم التسامح والانفتاح والتضامن والفاعلية الإنتاجية، ولا يمكن أن تتم هذه الخطوات دون ترشيد العمل السياسي واقرار النهج التعددي الديمقراطي لنمط هذا المجتمع، ووضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية المواكبة التي من شأنها أن ترفع من المستوى المعيشي للمواطن ، والمراهنة على سياسة اجتماعية تضمن العدالة والسلم الاجتماعيين فإن مصير الكائن الحي ومستقبله مرتبط بضروب التبادل التي تتم بينه وبين بيئته . ١٣ ومن خلال ما تقدم يرى الباحث بأن الفنون التشكيلية هي أكثر الفنون نخبة علمية وأكاديمية ومثقفين فهم مدعوون إلى الاسهام في بناء مجتمع خال من اشكال التخلف والأمية التي تقود إلى التطرف، وتحمل المسؤولية الاخلاقية في عملية التنوير وتصحيح مسار الافكار للخروج من النفق المظلم ودهاليز الافكار الظلامية التي انسافت اليها جموع من الناس بفعل الاكراه أو التغرير أو المصلحة الشخصية أو الفئوية ، ومواجهة عمليات طمس العقول والارادة التي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على أمننا الفكري والوطني على حد سواء فتفكيك التطرف المؤدي للإرهاب يبده من مواجهة الجهل كون الأمية ظاهرة اجتماعية سلبية منتشرة في أغلب دول العالم وبخاصة النامية منها . أو إنه سلوك يتعارض مع طبيعة وهذا ما يشجعنا على توظيف التنشئة الاجتماعية بعدها عملية إكساب الفرد الخصائص الأساسية للمجتمع الذي يعيش فيه ممثله في القيم والاتجاهات والأعراف السائدة في مجتمعه ومعايير السلوك الاجتماعي المرغوب في هذا المجتمع ، وهي عملية مستمرة عبر زمن متصل تبدأ من اللحظات الأولى من حياة الفرد إلى وفاته ويرى عالم الاجتماع الأمريكي " بارسونز " أن التنشئة الاجتماعية عملية تعلم تعتمد على التقليد والمحاكاة والتوحد مع الأنماط العقلية والعاطفية والأخلاقية عند المتعلم ، وهي عملية تهدف إلى إدماج عناصر الثقافة في نسق الشخصية ،