قارب جرس المدرسة على أن يقرع وأنا واقف أنتظر صديقي زياد الذي لم يحضر، حتى قررتُ أن عليّ المسير وحدي للمدرسة اليوم، ومن ثم أستئذن والديّ بالذهاب للسؤال عن زياد عند عودتي، وبالفعل قضيتُ في المدرسة يوماً دراسياً مملاً لم أشعر فيه بالسعادة ككل يوم، فأنا معتاد على وجود زياد في كل أوقاتي، وعند العودة استأذنت أبي بالذهاب للسؤال عن زياد للاطمئنان عليه، فأشار علي بأن أحدثه بالهاتف أولاً، ولما اتصلتُ به ردّ علي، وقد بدت أمارات التعب والمرض على صوته، وأخبرني بأنه يعاني من الحمى الشديدة منذ ليلة البارحة. قلقتُ جداً على صديقي، فأنا لم أعتد عليه هكذا، وهنا أخبرني أبي بإمكانية زيارته إن رغبتُ في ذلك، فوافقتُ على الفور، وتناولت غدائي على عجل، وبدلتُ ملابسي، وانطلقنا أنا وأبي إلى منزل زياد، وفي الطريق توقف أبي عند محل أزهار، وعاد يحمل باقة كبيرة عليها كرت فارغ، وطلب مني أن أكتب عبارة لزياد عليه، ففعلت، ولما وصلنا استقبلنا العم أبو زياد بحفاوة، وأدخلنا إلى غرفة زياد، لكنه طلب منّا أن نبقى بعيدين لاحتمال انتقال المرض. سلّمتُ على صديقي، وسألته عن أحواله، وأخبرته بأن المرض ما هو سوى امتحان من رب العالمين يختبر به صبرنا، وأن عليه شكر الله على كل حال، فحمد الله بقلب شكور، وسألني عمّا أخذناه في المدرسة اليوم، فأجبته ووعدته أن أساعده في فهم ما فاته من مواد، وبينما نحن كذلك قُرع الجرس، فإذا به طبيب العائلة قد جاء ليعطي زياد إبرة يتعافى بعدها بإذن الله. استأذنّا زياد ووالده سريعاً بعد أن دعونا له بالشفاء، ومسح أبي على رأسه قائلاً "ربّ الناس اشف البأس، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما"، إذ ليس من الذوق الإطالة في زيارة المريض، أما في اليوم التالي، فقد عاد زياد لصحته، وقد فرحت كثيراً عند رؤيته على ناصية الطريق بانتظاري.