تناول النصّ حركة التدوين عند العرب منذ العصر الجاهلي وحتى العصر العباسي، مُبطلاً ادعاء انعدام التدوين في القرن الهجري الأول، مُعتمداً على حجم المدونات المتوفرة في مختلف المعارف. لتحقيق التدوين، يلزم توافر معرفة الكتابة ووسائلها، وقد نوقشت معرفة العرب بالكتابة في بداية النص. أما وسائل التدوين، فتتمثل في الخط العربي وطبيعة الوسائط المستخدمة. اختلفت آراء الباحثين حول نشأة الخط العربي، بين آراء غيبية واعتماد على نقوش حجرية، مع ترجيح الأخذ عن الخط النبطي وتطوره. ونوقشت قضية رقش الحروف، مع اختلاف الآراء حول بداية استخدام النقط، مُعتمداً على روايات قديمة ونقوش وبرديات حديثة، مع تأكيد معرفة العرب للرقش مبكراً وإن لم يكن استخداماً كاملاً أو دائماً، مُبرراً عدم نقط حروف القرآن الكريم في بدايته بتحرّج ديني، ثم زيادة الحاجة له لاحقاً لمواجهة التصحيف واللحن، مع ذكر دور أبي الأسود الدؤلي في وضع ضوابط الكتابة، ثم تطوّر الشكل على يد الخليل بن أحمد. أما وسائل التدوين، فقد استخدم العرب مواد متنوعة كالجلود، عشب النخل، اللخاف، العظام، وورقاً مستورداً من الصين، قماش "مهارق" من الفرس، وقراطيس من مصر (ورق البردي)، بالإضافة إلى مواد محلية كالأديم وعشب النخل، مع توضيح مصادر هذه المواد، سواءً خارجية عبر التجارة أو داخلية من خلال الإنتاج المحلي. وخلص النصّ إلى أن العرب استخدموا وسائل التدوين المتاحة لهم، بدءاً من وسائل أولية وانتهاءً بالورق المستورد والمحلي، مشيراً إلى ازدهار تجارة الورق في العصر العباسي، وظهور صناعة الورق في سمرقند وبغداد، لتتفوق على القراطيس المصرية.