٢ - غريب الحديث تأخر التدوين في هذا الفرع عن نظيره ( غريب القرآن)، وهذا القول يجب ألا يؤخذ قضية مسلمة، فقد نسب ابن النديم الكتاب الأول في غريب الحديث إلى أبي عدنان عبد الرحمن بن عبد الأعلى، ولم يصلا إلينا هذان الكتابان غير أن كتاب أبي عبيدة دخل في كتب الغريب التي ألفت بعده. ثم ذهب ابن الأثير إلى أن النضر بن شميل (ت) ۲۰۳ (هـ) تلا أبا عبيدة في التأليف. وأشهر من ألف في غريب الحديث في القرن الثالث: أبو عبيد (ت ٢٢٤هـ) ، فقد ألف كتابه المشهور غريب الحديث ( فانتزع إعجاب الباحثين، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته، وإيراد بعض المشتقات والاستشهاد بالقرآن والشعر، وبعض الأحاديث الأخرى. فذكر ما ترك، وامتاز كتاب ابن قتيبة بالوضوح، والميل إلى الميدان اللغوي، على حين امتاز كتاب أبي عبيد بالميل إلى الميدان الفقهي، وهاذان الكتابان من أشهر ما ألف في غريب الحديث في هذا القرن وقد أدخلا في كتابيهما كل الكتب المؤلفه قبلهما. وفي القرن الرابع: ألف في غريب الحديث قاسم بن ثابت (ت) (۲۰۳ هـ) ، وحمد بن محمد الخطابي وفقدت كتب هذا القرن، لكن حفظ ابن الأثير جزء كبير من مقدمة كتاب الخطابي، وفي القرن الخامس: ألف في غريب الحديث، وفي القرن السادس: ألف في غريب الحديث، وألف الزمخشري كتابه الفائق في غريب الحديث وقسمه إلى كتب وجعل كل كتاب خاص بحرف من وفي القرن السابع: ألف في غريب الحديث ابن الأثير (ت ٦٠٦هـ) ، وابن الحاجب (ت ٦٤٦هـ). كتاب ابن الأثير النهاية في غريب الحديث والأثر ويعتبر النهاية التي وصل إليها غريب الحديث، من حيث مادة الكتاب وترتيبه؛ جمع ابن الأثير مادة كتابه من أكبر كتابين في غريب القرآن والحديث وهما كتابا أبي عبيد الهروي، فقد اتبع ابن الأثير طريقتهما في الترتيب أيضا، فرتب الكلمات بحسب حروف المعجم الحرف الأول والثاني لكل كلمة وأتبعهما بالحرف الثالث سواء كانت الحروف أصلية في الكلمة أو مزيدة مع التبيين للحروف المزيدة إذا وجدت في الكملة أما طريقة علاجه، وبعض الأحاديث يذكرها مسنده إلى راويها وبعضها يذكرها مهمله، وكان يوجز في تفسير الألفاظ مع الوضوح، ولا يورد شواهد شعرية إلا ما كان في كلام الصحابة مما يعتبر من الأحاديث، والخلاصة أن التأليف في غريب الحديث يختلف كثيرًا عن التأليف في غريب القرآن، فقد بدأ التأليف فيه متأخرًا، ووصل قمته في القرن السادس، خلاف غريب القرآن، أيضًا اتجهت كتب غريب القرآن وجهة لغوية في أغلبها، ثم إلى الترتيب الألف بائي في القرن السادس، ولم يعتبر المؤلفون في ترتيبهم إلا الحروف الأصول، خلاف كتب غريب القرآن.