1. الخلفيات الفكرية والأنساق المعرفية في الثقافة والفكر الغربيين للمنهج السيميائي : إن البحث في الأصول المفاهيمية يحيل حتما إلى المرجعيات الفلسفية والفكرية والمعرفية التي صاحبتها، ونظرا لامتزاج النقد الأدبي بالفكر والفلسفة، صارت المفاهيم والمقولات النقدية مثقلة بحمولة فلسفية وفكرية لا يمكن تجاوزها، لأن ضبط المفاهيم ارتبط منذ القدم بالتحولات و الابتكارات التي حصلت أو تحصل في البنية الفكرية للإنسانية، وتبعتها تغيرات جذرية في البنية الاجتماعية . وهذه الحركية المستمرة حتمت تعقبها من قبل الدارسين المحدثين لأنها كانت تحمل جينات النظريات المستحدثة في مجالات المعرفة والنقد الأدبي بصفة خاصة، المفاهيم والمصطلحات. وهكذا؛ عرفت أوربا في نهضتها الحديثة تطوار هائلا في مجال العلوم، وساد الاعتقاد أن المنهج التجريبي وحده القادر على تتبع أسباب الظواهر ، تستوي معها أعماق وخيال الإنسان وظواهر الأحياء والطبيعة وسائر مظاهر الكون، كما ساد الاعتقاد أن المعرفة العلمية كفيلة بتحقيق السعادة والكمال للإنسان، وصار نموذج المعرفة السائد هو النموذج الآلي، كما صار فهم الظواهر يقتضي تنظيمها في نسق تكون فيه كل منها مؤدية إلى الأخرى بطريقة آلية خالصة . ودعم هذا الاتجاه فلاسفة عصر التنوير من الفرنسيين الذين دعوا إلى تفسير كل الظواهر بنفس المنهج الذي ثبت نجاحه في العلم، وأبرز هؤلاء الفيلسوف " أوجست كونت الفلسفة نحو العلم التجريبي الدقيق،