لمطلب األول: الغلـــط قد يكون الغلط في ذاتية الشيء محل التعاقد فيكون مانعا للتعاقد ، وقد يكون في السبب وقد يكون في الصفات العرضية للشيء . الفرع األول : الغلط المانع هذا الغلط يعدم الرضاء ويقع في ماهية العقد أو في ذاتية محل االلتزام، بتصور غلط في ماهية العقد : كأن يعتقد أحد طرفي في العقد أنه يتلقى الشيء المبيع على سبيل الهبة في حين الطرف ألخر كان بصدد بيعه، أما الغلط في ذاتية محل االلتزام، فمثاله كمن يملك حصانين أحدهما أبيض واألخر أسود فقرر بيع األسود ، بينما اعتقد المشتري أنه يشتري الحصان األبيض ، كذلك الغلط في طابق البناء عندما يعتقد المشتري بأنه اشترى الطابق األول في حين البائع قد باعه الطابق الثالث . أما الغلط في وجود السبب كما لو اتفق الورثة مع الموصى له على اقتسام األموال الشائعة بينهم ثم يتضح أن الوصية باطلة الن الموصى قد عدل عنها قبل وفاته . الفـــرع الثانـي: الغلط الذي ال يؤثر على العقـــد هذا النوع من الغلط ال يمس صحة العقد ألنه ال يتعلق بأية صفة جوهرية فيه فهو غير مبطل للرضا ألنه لم يكن الدافع إلى التعاقد، ومن الحاالت التي ال يعتقد فيها بالغلط بما يلي: • الغلط في الصفات العرضية : أو الثانوية للشيء أو الشخص كالغلط مثال في نوع الورق بالنسبة لكتاب اشتراه شخص أو كالغلط التافه بالنسبة للسن في حالة عقد اإلرادة المرتب لمدى الحياة إذا تعلق هذا الغلط بسن من تقرر له اإليراد. معتقد أنه في مرض الموت ثم يشفى. • الغلط في قيمة الشيء : طالما لم تكن هذه القيمة هي دافع الرئيسي إلى تعاقد، كما لو باع شخص شيء بثمن معين كان يجهل أنه يساوي أكثر ذلك، غير أن القضاء الفرنسي قد أدخل في االعتبار الغلط في القيمة إذا كان القيمة هي الصفة جوهرية في لشيء كما لو باع الشخص لوحة جاهال قيمتها الكبيرة ألنها من رسم عمل فنان مشهور. لقد حاول المشرع الجزائري في المواد 81 إلى 85 من القانون المدني التوفيق بين قواعد القانون في قيام العقد على رضى صحيح ، ومقتضيات التعامل التي تناقض مع جواز مفاجأة العقد ببطالن العقد، وعليه اشترط في الغلط الذي يوجب وداخال في نطاق العقد من ناحية أخرى . أوال:ً أن يكون الغلط جوهري المقصود بالغلط الجوهري : هو أنه ليس كل غلط يقع فيه المتعاقد يؤدي إلى قابلية العقد الذي يبرمه إلى اإلبطال بل يجب وقد سبق القول أن الغلط يكون جوهريا إذا كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد . وليس معيارا ماديا فيجب أن ينصب أثر الغلط على إرادة المتعاقدين ذاتها . ثانيًا: اتصال الغلط بالمتعاقد اآلخر لم ينص المشرع الجزائري على هذا الشرط صراحة، اعتبارها كذلك نظر لشروط العقد أو لحسن النية ". ولذا نرى أن الغلط يتصل بالمتعاقد األخر بان وقع بدوره فيه، أو كان على علم بأن المتعاقد قد وقع فيه، او في األقل كان من السهل أن تبين ذلك . تنص المادة 81 القانون المدني الجزائري على انه : "يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد، يطلب إبطاله. " كما تقر المادة 82 بأنه: " يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط. وكذلك كون هذه الصفة الدافع الرئيسي للتعاقد )حسب المادة م.ج( وواضح من المواد 81 و82 ق. م.ج أن المراد بالغلط الجوهري ذلك الذي يبلغ في تقدير المتعاقد حدًّا من الجسامة لو تكشف له ال تمنع عن إبرام العقد فالمعين، هو معيار ذاتي أو شخصي وليس موضوعي أو مجرد، يقوم على أساس تقدير المتعاقد لهذا الموضوع، معتدا بإرادة العاقد نفسه ومدى تأثير الغلط بإرادته . فنصت على أنه: "ويعتبر الغلط جوهريًا إذا وقع في صفة الشيء فيراها المتعاقد بأنها جوهرية، أو يجب إعتبارها كذلك نظراً لشروط وإذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي فيتبين له أنه من النحاس، إذا كانت شخصيته هي السبب الرئيسي في التعاقد ، كمن يؤجر مسكنا لسيدة كان المؤجر يعتقد أن سلوكها ال غبار عليه، تحترف الدعارة فيما مضى . وتطبيقً ط في صفة عرضة أو ثانوية للشيء أو الشخص، أو الغلط في قيمة الشيء، فان الغل الغلط في الباعة الدافع إلى التعاقد، وكذا الغلط في األرقام أو الحساب كلها ال تؤثر أصال على سالمة الرضا وال تعيب اإلرادة. وفي حكم قضت به المحكمة العليا بتاريخ 14 نوفمبر 1988 حكمت بأنه يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت الصفة السبب الرئيسي في التعاقد. وفي حكم أخر قررت بان الغلط في صفة من الصفات ألساسية لشخص يمكن أن يشوب معنى الغلط الداخل في نطاق العقد : ومعنى هذا االتصال أن يقع المتعاقد األخر في نفس الغلط، أو يكون من السهل أن يتبينه . ولقد أدى التطور الفقهي القضائي في هذا الشأن باالهتمام بنية المتعاقد ذاته، وضرورة حماية المتعاقد األخر الذي قد يفاجأ بإبطال العقد لغلط ما في صفة في الشيء لم يكن يدري شيئا من أهميتها،