تعددت الكتب التي تنتهج الفكاهة والطرافة منهجة لإيصال الحكمة والنصح ، إلا أن كتاب « كليلة ودمنة » تربع بجدارة على رأس تلك القائمة كأبرز التحف التي زاوجت بين الفكاهة والبلاغة في المكتبة العربية بل والعالمية . ويعتبر كتاب كليلة من أنجح الكتب الأدبية والفكرية التي لاقت رواجا كبيرة عالمية ، وشهرة واهتمام من قبل رواد الساحة الأدبية والفكرية ، كما حظي باعتناء كبير من قبل الدارسين والباحثين ، حيث قام البعض بمحاكاته ولخصه البعض الآخر . الكتاب كتبه باللغة العربية الأديب البليغ عبدالله بن المقفع في العصر العباسي ، وينقسم الدارسون في نسبة الكتاب ، فمنهم من يرى أن ابن المقفع ترجم الكتاب فقط من اللغة الهندية إلى اللغة العربية ، وهناك من يقول إن ابن المقفع هو من وضع الكتاب أصلا وهو الذي ألفه ، ولكنه نظرا لخوفه على نفسه ادعى أنه كتاب أصلا وأنه هو إنما ترجمه ، وعلى كل حال فالكتاب سواء كان من خيال ابن المقفع أو كان من ترجمته فقط فهو كتاب آية في السرد وحسن المقصد وجمال الكناية ووضوح المغزى والغاية ، بل يعتبر من التحف العربية النادرة . هندي يحتوي الكتاب أمثالأ وأحاديث وقصصا وضعها علماء الهند على حسب القول الأول على ألسنة الحيوانات والطيور بأسلوب شيق وبسيط ، وتهدف كل القصص إلى الأخذ بالحكمة والتمسك بأحسن الأخلاق والاتصاف بمحاسن العادات والخصال ، مع مستوى عال من الفلسفة الاجتماعية والثقافية بشكل عام ، ولا يخلو من بصمة بلاغية يتمتع بها أصحاب الذائقة الأدبية .