إن التطور في وسائل الاتصال والمواصلات، والتقدم في ميدان الطباعة أثمرا ثورة إعلامية بكل ما للكلمة من مدلول ومعنى. فالإعلام بمختلف وسائله وميادينه تدخل في كل شأن من الشؤون من الوعظ الديني إلى النشاط السياسي، ومن التعليم والثقافة إلى الاقتصاد والصناعة، ومن الإعلان والأخبار إلى الفن والتسلية . والإعلام ككل سلاح له حدان فإما أن يوظف في مصلحة الأمة، من خلال الإعداد الدقيق لبرامجه بحيث تكون ملتزمة بمبادىء الأمة وأهدافها وحضارتها، وإما أن يكون إعلاماً للإعلام غير واضح الأهداف ينشر من خلاله كل ما تقع عليه يد الإعلاميين . وفي هذه الحالة يكون الإعلام سلاحاً فتاكاً بيد أعداء الأمة، فمن خلاله تنتشر الشائعات، سال إن التعامل بشكل مرتجل وغير مدروس مع الإعلام في أمتنا العربية، إضافة إلى الاستيراد المخيف لكل ما ينتجه الغرب وسواه من برامج وأساليب بدون أن يقوم ذلك بميزان مصالح الأمة وقيمها هو الذي حرك في نفسي ضرورة البحث في هذا المجال، لأسهم - إن استطعت ذلك - بسهم ولو بسيط في معركتنا الثقافية في ميدان الإعلام. كما أن الاطلاع على واقع التعليم في أمتنا حيث يرتفع عندنا النمو عدد الاميين مع السكاني يُشكل دافعاً آخر كي يخرج هذا الأميين مع البحث إلى الوجود في إطار اقتراحات للإعلاميين من أبناء أمتنا، وهم كثر، هذا بالإضافة إلى دورهما البارز والمهم في تعليم سائر أبناء الأمة وتثقيفهم من غير الأميين . لقد نشرت وسائل الإعلام في أواسط حزيران من عام ١٩٩٤ بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس لوزراء التربية العرب في القاهرة تقريراً لمنظمة اليونيسكو عن الأمية في الوطن العربي ومن جملة الأرقام والإحصاءات الواردة فيه : إن عدد الأميين في الوطن العربي كان ٥٠ مليون في العام ۱۹۷۰ وارتفع إلى ٦١ مليون في العام ۱۹۹۰ ، ومن المتوقع أن يصبح العدد ٨ ، ٦٥ مليون في العام ألفين. وذلك في العام ١٩٩٠، ٧٥% والسودان ۹، ٣٧ . خاصة المسموع والمرئي، لأن بيده بمفرده توجيه النسب السكانية الآنفة الذكر، وهو شريك فاعل في توجيه باقي السكان. وإذا كانت الهجمة «الصهيو استعمارية» قد تصاعدت مع طبول السلام المزعوم والتقدم الاقتصادي الموهوم من خلال مشروع النظام الشرق أوسطي الذي يعمل له أعداء الأمة ليتمكنوا منها، ومن إنسانها وأرضها ومقدساتها وثرواتها وموقعها الاستراتيجي وكل ما تملك. فإنه في الوقت عينه يريد المشروع الصهيو استعماري تسويق مفاهيم وقيم تودي بأجيالنا إلى الهلاك، ولا أدل على ذلك من المسلسلات والبرامج الوافدة، ومن الإعلانات المخزية التي نراها في إعلامنا المقروء أو المسموع أو المرئي . إننا نحتاج للإعلام أكثر من أي وقت مضى نوظفه في المواجهة، وإعلامنا واجبه أن يعزز الإيمان في نفوس أبناء الأمة لتلغي التعصب ولنلغي المؤثرات الوافدة هذا بالإضافة إلى فعل الإيمان في ضرب الإحباط والانهزام من النفوس. وإعلامنا واجبه أن يكون وحدوي الطرح لتعطيل مشروعات الأعداء في التفتيت والتقسيم، البرامج المستوردة . إن الحكومات والمؤسسات الرسمية والشعبية والدينية في أمتنا، بالإضافة إلى أهل الرأي والتأثير كافة، مطالبون بأن يولوا الإعلام اهتمامهم بمختلف وسائله ومجالاته خاصة في موضوع توفير البرامج والموضوعات التي تنبع من ثقافتنا وقيمنا والتي تحقق الاستمالة لأجيالنا حتى لا يذهبوا إلى تلك الوافدة المستوردة.