الأخلاق جمع خلق، وهو تعريف تعوزه الدقة لأن علم الأخلاق لا يبحث قط في أعمال الناس الإرادية التي صارت عادات وتقاليد على اختلافها باختلاف الأمم والأيام، إنما يبحث في توجيهها الطريق السوي طبقا لقواعده وقوانينه، تعريف جميل جذاب، جر هذا الفيلسوف إليه أن الأعمال التي هي مناط البحث والحكم الأخلاقي هي أعمال الإنسان ولكنه يتسع حتى يتناول بين دفتيه العلوم الإنسانية المتعددة، كعلم المنطق والنفس والتاريخ والقانون، لأنه يميز بينهما ويفصل معنى كل منهما، ويهدينا لما علينا من واجبات نحو أنفسنا وغيرنا وخالقنا وكل من هذين التعريفين وإن كان صحيحًا إلا أنه غير كاف، ولا عن دراسة الواجبات التي علينا أن نقوم بها، والمقاييس التي نزن بها الأعمال لبيان خيرها وشرها، إذا أردنا تعريفا دقيقًا لعلم الأخلاق، أو علم القواعد التي تسير عليها إرادة المرء الكامل في أعماله ليصل للمثل الأعلى، ذلك أن الأخلاق لا تبحث في حياة الناس الراهنة، بل من ناحية أعمالهم على ما يجب أن تكون عليه، ولا يبحث علم الأخلاق عن الأعمال الإنسانية من حيث القوانين والنواميس الطبيعية التي تجري على سننها، فقد تكلفت بهذه الناحية العلوم الطبيعية، فذلك بحث القانون، فهذه ناحية بحث العلوم الدينية إنما يبحث علم الأخلاق في أعمال الإنسان الإرادية من ناحية مطابقتها للخير أو الشر، وهو بهذا يهدينا سواء السبيل،