في عام 2010 تم الكشف عن موقع أثري فريد في المملكة العربية السعودية، الذي عرف فيما بعد باسم موقع نحت الجمل الأثري. والموقع الذي نتحدث عنه هو موقع للفنون الصخرية في منطقة الجوف بشمال السعودية. وعلى الرغم من أن أعمال المسح الأثري والتنقيب بالموقع لم تبدأ مباشرة بعد الكشف عن الموقع وإنما في عام 2016 عن طريق فريق علمي سعودي فرنسي مشترك؛ فإن موقع نحت الجمل الأثري صار واحداً من أهم عشرة اكتشافات أثرية في العالم، ويعود الفضل في ذلك للدراسة التي قام بها فريق علمي سعودي من هيئة التراث وجامعة الملك سعود والمركز الفرنسي للأبحاث وجامعة أكسفورد وجامعة برلين الحرة. لقد تم تسجيل 17 نحتاً مجسماً لجمال، بالإضافة إلى نحتين آخرين لخيول، ونحت ضاعت معظم ملامحه وبات من الصعب التحقق من نوعه. هذه المنحوتات تختلف كلية عن كل أنواع الفنون الصخرية المكتشفة في ربوع المملكة العربية السعودية، حيث إنها نفذت عن طريق فنان أو مجموعة من الفنانين المتمكنين من فن النحت ومن الصناعات الحجرية؟ حيث تظهر المنحوتات بطريقة مجسمة ثلاثية الأبعاد وليست منحوتات صخرية ثنائية الأبعاد، حيث التجسيم واضح في إظهار النسب التشريحية الطبيعية للجمل، والذي مثل أو يخيل للمشاهد أنه تمثال لجمل يستند على الجبل، وفي أحيان أخرى كما لو كان جملاً يلتف حول هضبة صخرية. نفذت تلك المنحوتات المجسمة في الحجر الرملي المعروف بالحجر الرملي في سكاكا، وهو حجر رملي طيّع يميل للون الأحمر، وتشير النتائج العلمية من خلال الدراسات التي أجريت بالموقع إلى أنه ينتمي إلى العصر الحجري الحديث (نحو 5600 قبل الميلاد). هذا التأريخ جاء بناء على أشكال الفؤوس الحجرية والمقاشط والشفرات الحجرية المكتشفة بالموقع، وبذلك يعد موقع نحت الجمل أحد أقدم مواقع الفنون الصخرية بالمملكة العربية السعودية، التي تؤكد على مدى التقدم المذهل للصناعات الحجرية في ذلك الوقت على يد الإنسان الذي عاش بموقع الجوف الذي يبدو أنه كان ذا أهمية ما، ربما عقائدية أو طقسية لجماعات ما قبل التاريخ، وأظهرت دراسة قام بها فريق سعودي عالمي مشترك نتائج علمية جديدة حول تاريخ موقع الجمل بأن هذا الموقع الذي يضم 21 نحتاً مجسماً قد يكون من أقدم المواقع في العالم لنحت الحيوانات المجسمة بالحجم الطبيعي، وأظهرت المجسمات الأثرية التي تم حفرها بالموقع وجود صناعة حجرية مميزة، وكذلك بقايا عظام حيوانية. أعتقد أن موقع نحت الجمل يستحق أن يوضع على خريطة السياحة العالمية لمحبي وعشاق الفنون الصخرية القديمة.