المقدمة: تحتل الرقابة المالية أهمية كبيرة في العملية الإدارية وتعد من أهم ركائز هذه العملية، ولا بد من تنظيم عملية الرقابة بشكل يجعل منها أداة فاعلة في تطوير وتوجيه النشاط الإداري بكياناته المختلفة. ومن المعلوم أن الأجهزة الحكومية تهدف من وراء إنشائها. إلى تقديم الخدمات للمواطنين. ويأتي دور الأجهزة الرقابية لضمان تقديم هذه الخدمات بأسرع وقت وبأقل جهد وتكلفة ممكنة وبالشكل المطلوب قانوناً. كما إن وجود أنظمة كفاءة وفعاله للرقابة المالية في أية منظمة يعتبر من الأمور الهامة في نجاح تلك المنظمة في تحقيق أهدافها ، نظرا لما تشكله أنظمة الرقابة المالية من أساس مهم من بين الأسس التي تقوم أو ترتكز عليها تلك المنظمة. أولا- مفهوم وأهمية الرقابة المالية: يقصد بالرقابة المالية في المفهوم الحديث على أنها مجموعة العمليات اللازمة لمتابعة أعمال تنفيذ الخطط والسياسات الموضوعة بقصد التعرف على الانحرافات ومعالجتها في الوقت المناسب، إضافة إلى المحافظة على المال العام من عمليات الاختلاس أو الضياع أو سوء الاستعمال. كما أن أهمية الرقابة المالية لا تقل عن أهمية الرقابة في الجوانب الوظيفية الأخرى داخل أي منظمة أو منشاة ولا يكتفي بالرقابة على كمية وجودة الإنتاج والشراء والتخزين وعلى الأفراد والتسويق ما لم يكن هناك أيضًا نشاط رقابي فاعل يَحكُم التصرفات المالية؛ لضمان سير الأمور كما يجب ولغاية الوصول إلى أهداف المنظمة. كذلك فان أهمية الرقابة المالية تنبع من كَونِها رقابة قانونية ومالية تحكم التصرفات المالية والمحاسبية والإدارية ذات الطابع المالي، والميزانيات بأنواعها في المنظمة، وقوائم الإيرادات والنفقات والسجلات المحاسبية، وذلك لغرض التأكد من مطابقتها للقواعد والقيود والمعايير والصلاحيات المالية. وميزانية تدفق الأموال، بالإضافة إلى رقابة وتقييم ربحية المنظمة ومديونيتها، هذا بالإضافة إلى القيام بعملية الرقابة على التصرفات الإدارية ذات الطابع المالي، والتي تؤثر بشكل مباشر على تكلفة وربحية المنظمة خلال فترة زمنية محددة. أي أن الرقابة المالية تستمد أهميتها من كونها نظام شامل، يتطلب التكامل بين المفاهيم القانونية كالأنظمة والتعليمات والمفاهيم والمبادئ الاقتصادية والمحاسبية والإدارية، والتي تهدف في النهاية إلى المحافظة على أموال المنظمة، وضمان استغلالها بالطريقة التي تؤدي إلى رفع كفاءة المنظمة، والنهوض بفاعلية نشاطاتها وتحقيق أهدافها. كما أن مفهوم الرقابة المالية في الإسلام :بالرجوع إلى تشريعات الديانة الإسلامية – سواء ما كان واردا منها في الآيات القرآنية الكريمة أو الأحاديث النبوية الشريفة أو سيرة الخلفاء الراشدين والأمراء المسلمين – يمكن أن نلاحظ أن المفهوم السابق للرقابة المالية كان موجودا أصلا ومعمولا بة قبل أكثر من أربعة عشر قرنا. فمن الناحية القانونية : كان الرسول صلى لله عليه وسلم هو المشرع الأول لتعاليم الديانة الإسلامية اعتمادا على ما ينزل عليه من آيات كريمة من عند لله سبحانه وتعالى إضافة إلى ما يحدث به من قول أو يقوم به من فعل يمثل سنة يجب على المسلمين أن يقتدوا بها ويعملوا وفقا لها ، إضافة لكونه القاضي الأول الذي يحكم بأمر لله ووحيه ، ومن بعده كان الخلفاء الراشدون وباقي الخلفاء المسلمين . ومن النواحي الاقتصادية والمحاسبية والإدارية: كان الرسول صلى لله عليه وسلم هو المحتسب الذي يطوف الأسواق ليطلع على أحوالها ، وكذلك كان الخلفاء الراشدون وباقي الخلفاء المسلمين من بعده " فإذا ما شغلوا عنها بإدارة شؤون الأمة وتجهيز الجيوش أسندوها إلى من يثقون به من المسلمين ، إضافة إلى أن الرسول صلى لله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين و الأمراء المسلمين من بعدهم كلا يقوم بنفسه باستيفاء الحساب على العمال المحصلين فيما بينهم على المستخرج من الإيرادات ونفقات جباتها ، ويوضع في بين المال صافي القيمة المحصلة لتوزيعها على المستحقين. ويلاحظ من خلال ما تقدم أن الجهاز المستقل – الوارد في المفهوم الحديث الذي أوردناه للرقابة المالية – كان موجودا أصلا من خلال المحتسب الذي كانت وظيفته تتمثل ب" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا العمل يقوم به من نصبه الإمام لذلك ، عملا بقوله تعالى)) " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) حيث أن " المعروف تعبير يشمل ما أمر الله به من اتجاهات سلوكية ، وقد أعتبر البعض لفظ (أمه) الواردة في الآية السابقة ينطبق على أجهزة الدولة ، فهي المناط بها الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إضافة إلى ذلك فأن " من مهام المحتسب أيضا أنه كان يقوم بإدلاء شهادته فيما يسأل عنه في المواضيع المحاسبية ، ومن واجبات المحتسب أو المراجع إخطار الوالي عن أي بيانات مقدمة فيها غش ويتعرض الممول إلى عقوبات شديدة منها الضرب والحبس والإخراج من السوق ويلاحظ أن مفهوم الرقابة المالية في الإسلام هو مفهوم شامل للرقابة بمفهومها العام . ثانيًا ـ أنواع الرقابة المالية: إن الحديث عن أنواع الرقابة المالية لا يُقصد به استقلالية كل نوع من الآخر على المستوى العملي، بل جاء هذا التقسيم تبعًا للزاوية التي ينظر إلى الرقابة المالية من خلالها، وبهذا تُصنَّف الرقابة المالية إلى أنواع حسب الزمن الذي تُمارس فيه وبحسب الموقع الذي تمارس منه وهي كالتالي: أ‌- الرقابة المالية من حيث الزمن: تُقسَّم الرقابة هنا إلى ثلاثة أنواع وعادة تسمى مراحل الرقابة، ويتم القيام بإجراءات الرقابة في كل نوع أو مرحلة وفقًا لفلسفة الرقابة المُطبَّقة في المنظمة أو المنشاة ، وقد لا يَلغي الأخذ بأي من هذه الأنواع تطبيق الأنواع الأخرى في عملية الرقابة المالية. 1. الرقابة السابقة: يهدف هذا النوع من الرقابة إلى التأكد من مشروعية التصرف المالي قبل القيام به، وعلى الالتزام بالارتباطات المالية مثل رقابة إجراءات التصرف النقدي أو الإجراءات الخاصة بدفع النقود أو تحصيلها ويسمى هذا النوع من الرقابة بالرقابة التوجيهية أو الوقائية، حيث يتم منع الوقوع في الخطأ قبل حدوثه. 2.الرقابة الملازمة: بسبب تعقيد العمليات الإدارية والتشغيلية في المنظمات الصناعية والتجارية، وضرورة إنجاز المهام الإدارية في عالم يتصف بالسرعة والتغيير وخاصة في بيئات الأعمال، أصبح الاعتماد على الرقابة الملازمة ضرورة حتمية، وتتصف الرقابة الملازمة بالمراجعة المتدرجة والمتلاحقة لتنفيذ الأعمال، ومقارنة الأرقام الفعلية مع الأرقام المتوقعة بشكل متواصل. 3.الرقابة اللاحقة: فمن وجهة النظر المحاسبية يتم وفقًا لهذا النوع من الرقابة مراجعة وفحص السجلات المالية، والمستندات المحاسبية الخاصة بصرف وتحصيل الأموال. ونسب المديونية والسيولة، ومعدلات دوران رأس المال والمخزون السلعي، ومعدلات العائد على رأس المال . الخ، وذلك لهدف معرفة المخالفات المالية وطبيعة الأخطاء التي ارتكبها المنفذون، كما تتم مراجعة الأساليب والطرق والكيفية التي تمت بواسطتها الممارسات المالية موضع التقييم. ب‌- الرقابة المالية من حيث المكان: تنقسم الرقابة هنا إلى نوعين: رقابة داخلية ورقابة خارجية 1.الرقابة الداخلية: يُمَارَس هذا النوع من الرقابة من داخل الوحدة الإدارية، أي من داخل الإطار التنظيمي للوحدة الإدارية التي تقوم بتنفيذ الممارسات المالية، ويتم ذلك بواسطة شخص أو جهاز رقابي تكون مهمته القيام بمراقبة التصرفات المالية والمحاسبية، وعادة ما يتم الأخذ بفلسفة الرقابة الملازمة أو السابقة في هذه الحالة. أما إذا وُكِّلت مهمة الرقابة بمدير الوحدة الإدارية، فإنه يتم تطبيق الرقابة اللاحقة، وذلك لغرض تسهيل عملية تنفيذ النشاطات والمهام الإدارية والمالية في الوحدة الإدارية المَعنية. 2.الرقابة الخارجية: ويعتمد تحديد مسؤولية الرقابة الخارجية على نوع التصرف المالي ومجالاته، فقد يُوكل لجهاز الرقابة في المنظمة بمراقبة التصرفات المالية والمحاسبية ذات الطابع الإجرائي في الوحدات الإدارية في المنظمة. بينما قد تُوكل مهمة رقابة وتقييم التصرفات المالية ذات الأثر الملموس على النتائج والأهداف المالية السنوية للإدارة العليا في المنظمة، أو لجهة خارجية استشارية متخصصة في عمليات التدقيق والتحليل المالي، كما هو الحال في مجالات تحليل نسب الأرباح والإيراد والمديونية ومعدلات الدوران السنوية . الخ. ثالثًا ـ مراحل الرقابة المالية: تسير عملية الرقابة المالية عادة ضمن الخطوات التالية: 1.مرحلة التوقع: والتي يقوم من خلالها المسئولون عن الرقابة المالية بوضع التصورات والتوقعات المترجمة إلى نتائج وأهداف يرغب بالوصول إليها خلال فترة زمنية محددة. 2. مرحلة جمع المعلومات: تعني هذه المرحلة بجمع المعلومات من المصادر أو نقاط تجمع المعلومات والمحددة في نظام الرقابة مُسبقًا. 90 60 50 70 550 450 120 50 50 60 الإجمالي 1220 1220 1280 ولكن المشكلة في استخدام هذه الطريقة أنها تفترض ثابت العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على النشاط المعني بالتقييم، لهاذ لابد من استخدام طرق أخرى أكثر واقعية. ووفقًا لهذه الطريقة يتم الرجوع إلى الأهداف والمعايير التي تم تحديدها في الخطط أو في البرامج الفرعية؛ لغرض مقارنتها بمستويات الأداء المالي الفعلي، ومن ثَمَّ تحديد مقدار الانحراف أو الاختلاف بين المستويين. فمثلًا يتم تحديد طرق القيام بالعمل لأغراض الرقابة على النشاطات المالية في دائرة الإنتاج من خلال وضع برامج وجداول الإنتاج، والتي تُحدِّد بموجبها كميات السلع المنوي إنتاجها، ومكونات أو عناصر السلعة وتكاليفها، والأوقات الزمنية اللازمة لإتمام كل برنامج أو جدول إنتاجي، والتفصيلات الفنية وكمية المواد الأولية والمساعدة والآلات والمعدات، والأجهزة وأسعار شراء المواد وتكاليف شحنها وتخزينها . الخ. وعلى ضوء ما سبق يتم احتساب أرقام ونسب التكاليف المتوقعة حيث تسمى معايير التكلفة والتي على ضوئها يتم وضع ميزانيات التشغيل التي تتضمن معايير مالية يجب الوصول إليها خلال الفترة الزمنية المحددة. وبعد إتمام العملية الإنتاجية أو خلال القيام بها يتم القيام بعملية الرقابة المالية على نشاطات الإنتاج لتحديد كفاءة إدارة الإنتاج ماليًا وذلك من خلال مقارنة الأرقام الفعلية للنشاطات المالية مع المعايير الواردة في ميزانيات التشغيل. خامسا- أهداف الرقابة المالية: تتمثل الأهداف العامة التي تسعى الرقابة المالية لتحقيقها في هدفين: الهدف الأول : التحقق من أن الإنفاق تم وفقاً لما هو مقرر له طبقاً للخطط الموضوعة. الهدف الثاني: أن الموارد تم تحصيلها كما هو مقرر وأنها استخدمت أفضل استخدام. ويمكن تقسيم هذه الأهداف العامة إلى: 1- أهداف فنية تقليدية تتمثل في: * إبداء رأى فني محايد عن مدى صحة الأوضاع المالية ونتائج أعمال الوحدات المشمولة بالرقابة على أن يكون هذا الرأي مدعماً بأدلة وقرائن إثبات قوية حول مدى صحة حقيقة المركز المالي ومدى صحة نتائج الأعمال في نهاية الفترة. * تشجيع الالتزام بالسياسات والقرارات الإدارية والتأكد من حسن تطبيقها. * التأكد من دقة البيانات المحاسبية وسلامة وصحة القيود والأرقام المثبتة بالدفاتر والسجلات ومدى إمكانية الاعتماد عليها في إعداد المعلومات والتقارير النهائية ومن ثم اتخاذ القرارات. * اكتشاف الأخطاء وحالات الغش والعمل على تقليل فرص ارتكابها من خلال تقييم فعالية نظم الرقابة المالية الداخلية للوحدات وتدعيم هذه النظم والرفع من كفاءتها في تحقيق عناصر الرقابة والضبط الداخلي. * التحقق من إتباع نظم وأساليب حديثة في التخطيط والتنظيم ومتابعة التنفيذ. * اكتشاف الممارسات والمبادرات الإبداعية لتشجيعها ورعايتها ومكافأة القائمين على ذلك كنوع من الحافز. 2- أهداف إستراتيجية وتتمثل في: * الحفاظ على الممتلكات والموجودات (الأصول) بما يضمن حماية المال العام والحفاظ على حقوق الأطراف ذات العلاقة بالوحدة محل الرقابة. * زيادة الفعالية بما يمكن من تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية واقتراح أفضل السبل لتحقيق الأهداف التي ترمي إليها الخطط والسياسات الاقتصادية الموضوعة. * تزويد الإدارة العليا للمنظمة بالمعلومات والتقارير السليمة والمؤكدة وذلك بغرض تحققها من تطبيق ما وافقت عليه فيما يتعلق بالميزانية وهو ما يعنى استخدام الاعتمادات في الأوجه التي خصصت لها، وجباية الإيرادات حسب الأنظمة واللوائح الصادرة. سادسا- مقومات نظام الرقابة المالية الفعال: إنّ أي نظام رقابي جيد لابد أن تتوفر فيه عدة مقومات حتى تستطيع عملية الرقابة أن تؤدي الغاية منها وتحقق أهدافها وهذه المقومات هي:- 1- وجود هيكل تنظيمي يوضح خطوط السلطة والمسؤولية:- يقصد بالهيكل التنظيمي " مجموعة الوسائل والإجراءات الرقابية التي تحكم علاقة المؤسسات الحكومية بالسلطة المالية المركزية وبجهاز الرقابة المركزي بهدف توفير الرقابة اللازمة علي تصرفات هذه المؤسسات وتوفير البيانات الضرورية لمتخذي القرار. يتضح من التعريف السابق أن هناك إجراءات تنظيمية وإدارية تقود إلى تقسيم العمل وتحديد السلطات والمسؤوليات وتوفر الاستقلال الواضح بين مختلف الإدارات علاوة علي وضع الأهداف الخاصة بالجهاز الرقابي، ويمكن توضيح ذلك كما يلي:- إن تقسيم العمل وتحديد الوظائف داخل الجهاز الرقابي لإمكانية تطبيق مبدأ محاسبة المسؤولية الذي يساعد كثيراً في نجاح الرقابة، وزيادة فاعليتها، والذي يعني أن كل مراقب بالجهاز الرقابي يكلف بعمل ما وفقاً لبرنامج مخطط يصبح بموجبه مسئولاً عن تنفيذ هذا العمل، والالتزام به علي ضوء الخطط المرسومة، وأن يعرف كل مراقب حدود عمله وواجباته التي تعتبر بمثابة معايير محددة مسبقاً. & تحديد السلطات والمسئوليات:- تعتبر هذه الخطوة المرحلة الثانية بعد تقسيم العمل وتوصيف الوظائف، إذ يتم بموجبها تحديد السلطات الممنوحة لكل عمل، فلا يمكن لشخص تحمل مسؤولية عمل ما دون أن يكون لديه بنفس القدر سلطة تمكنه من أداء هذا العمل وتجعله قادراً على حسن التصرف واتخاذ القرارات اللازمة على أكمل وجه. فتحديد مسئولية كل موظف بالجهاز الرقابي تمكن من تحديد واجباته الرقابية بدقة وإمكانية الرقابة علي أدائه لها. ومن هنا يظهر الترابط الكبير بين السلطة والمسئولية، إذ أن تفويض السلطة لأي سبب لا يعني إلغاء المسئولية عن المفوض اتجاه مرؤوسيه، كما لا يفوض السلطة الممنوحة له كلها ليصبح هو بلا عمل خالي المسئولية بل يفوض جزء من سلطاته، 1/ يجب أن يتضمن الهيكل التنظيمي وصفاً دقيقاً لكل وظيفة، وتحديداً للاختصاصات والمسئوليات الخاصة بها، مما يمكن من تحقيق الأهداف الرقابية المرجوة من القيام بهذه الوظيفة في ظل توفر الاعتبارات الآتية:- - وجود خطة تنظيمية لنظام الرقابة الفعال تحقق الفصل الواضح للواجبات والمسئوليات وتساعد في الوصول إلى الأهداف المرجوة بأقصر الوسائل وأفضل السبل. - مراعاة الظروف المحيطة المؤثرة، والاسترشاد بالأحداث التاريخية مع إجراء التعديلات التي تتطلبها الظروف المستقبلية. - ربط الأهداف بالمسئولية عند تنفيذها مما يساعد علي علاج ما قد يظهر من انحرافات عن هذه الأهداف، كما يعد ذلك إمداداً بالتغذية العكسية عن الأداء للمراقبين الماليين . 2/ وجود نظام محاسبي سليم يلاءم متطلبات الرقابة الشاملة:- إن التطور السريع الذي نشهده اليوم في النظم المحاسبية والارتقاء بها من نظم يدوية إلى نظم محاسبية إنما هو استجابة لمتطلبات الإدارة المالية من المعلومات والبيانات المحاسبية التي تساهم مساهمة فعالة في تقويم الإدارة ومساعدتها على اتخاذ القرارات الرشيدة وعرض النتائج وتفسيرها بطريقة سهلة وواضحة بحيث يفهمها مستخدمي هذه البيانات سواء من داخل الإدارة أو من خارجها، وقد صاحب هذا التطور في الأنظمة المحاسبية وضع نماذج محددة لأنواع المستندات والسجلات والتقارير المالية التي يجب علي المحاسبين في إدارات المنظمات الحكومية التقيد بها، إضافة إلى وضع دليل للحسابات، وآخر للإجراءات، وقد أشار المعيار الدولي للمراجعة رقم 400 إلى أنه لا بد من فهم النظام المحاسبي لغرض التخطيط لعملية المراجعة، والتعرف علي تصميمه، وطريقة عمله ، لذلك لا بد من التعرف على مفهوم النظام المحاسبي الفعال وخصائصه، والذي سيتم توضيحه فيما يلي :- # مفهوم النظام المحاسبي :- يعرف النظام المحاسبي بأنه " مجموعة من الطرق والإجراءات والتعليمات المحاسبية المناسبة، تستخدم مجموعة من المستندات والسجلات المحاسبية بهدف حماية موجودات الحكومة، وتقديم البيانات المالية الدقيقة ضمن تقارير وقوائم مالية تعكس نتائج النشاط داخل المنظمة . وقد عرف الاتحاد الدولي للمحاسبين النظام المحاسبي بأنه " سلسلة من المهمات والقيود المحاسبية لمنشأة ما، والتي تعالج معاملاتها بواسطة مسك السجلات المالية" ، ومن هذه التعريفات يتضح أن هناك ثلاثة عناصر يرتكز عليها النظام المحاسبي هي: - المستندات المالية: ويعبر عنها بمدخلات النظام المحاسبي وهي تمثل المرحلة الأولي لهذا النظام. - السجلات المالية: ويعبر عنها بالعملية المحاسبية أو عملية المعالجة والتشغيل وهي المرحلة الثانية من مراحل النظام المحاسبي. - التقارير والقوائم المالية: ويعبر عنها بمخرجات النظام المحاسبي وتمثل المرحلة الثالثة من مراحل النظام المحاسبي. # أهداف النظام المحاسبي الحكومي:- يهدف النظام المحاسبي الحكومي إلى تحقيق العديد من الأهداف التي تتمثل في : - تمكين أجهزة الرقابة الداخلية والخارجية من القيام بمهامها، وتطبيق الرقابة الإدارية الفعالة على الأموال العامة للحفاظ على الموجودات. - تقييم أداء المنظمات بما يساهم في اتخاذ القرارات المناسبة، وذلك من خلال تقديم البيانات اللازمة لتوضيح النتائج الاقتصادية والمالية المترتبة على أنشطة الحكومة. - المساهمة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعداد الحسابات الحكومية من خلال توفير البيانات اللازمة للتحليل الاقتصادي. - يعتبر أداة السلطة التنفيذية لمتابعة تنفيذ الموازنة العامة للدولة ومعالجة الانحرافات حال وقوعها. - يوفر سجلاً تاريخياً متكاملاً لكافة الأحداث الاقتصادية التي قامت بها الحكومة ومؤسساتها المختلفة بحيث يمكن الرجوع إليه عند الضرورة. - يمثل شبكة الاتصال الرئيسية والرسمية بين الجهاز التنفيذي وأجهزة الرقابة الخارجية وعلى رأسها السلطة التشريعية. - يمثل النظام الموحد للمعلومات الذي تلتزم به المؤسسات الحكومية كافة. إن تحقيق أهداف النظام المحاسبي الحكومي بكفاءة وفعالية تتطلب أن تتوفر فيه عدة خصائص تتمثل في : - أن يكون النظام المحاسبي متطابقاً مع النصوص الدستورية والقانونية والتشريعات الأخرى. - أن تتفق تصنيفات النظام المحاسبي مع تصنيفات الموازنة العامة. - أن تنظم الحسابات بطريقة تعبر بوضوح عن الأغراض التي من أجلها حصلت وأنفقت الأموال العامة. - أن يكون للنظام المحاسبي القدرة على الإفصاح الكامل عن المركز المالي للدولة. - أن يكون للنظام المحاسبي القدرة على بيان مدي التزام السلطة التنفيذية بمختلف وحداتها الإدارية بالقوانين والأنظمة. - أن يكون للنظام المحاسبي الحكومي هيكل تنظيمي يوضح طريقة ارتباط المؤسسات الحكومية بالسلطة المالية المركزية، وكيفية التعامل فيما بينها. - الحاجة إلى تطوير الأساس المحاسبي المطبق في المحاسبة الحكومية. - ضرورة استخدام نظم المعلومات ومحاسبة التكاليف في النظام المحاسبي الحكومي. فإذا ما توفر ت هذه الخصائص للنظام المحاسبي الحكومي مع وضوح أهداف هذا النظام فإنه يسهم بشكل كبير في تحقيق رقابة فعالة على المؤسسات والمنظمات الحكومية. 3/ الحياد والاستقلالية :- إن استقلالية المراقب المالي تمثل حجر الزاوية في عملية الرقابة المالية والاستقلالية تعني ممارسة المراقب المالي لعمله دون التعرض لأي ضغوط، لذلك يجب أن يتبع جهاز الرقابة المالية أعلى سلطة في الدولة وهي السلطة التشريعية، إذ أن تبعية هذا الجهاز للسلطة التنفيذية يضعفه ويجعله متحيزاً لمصلحتها وفاقداً لاستقلاليته المطلوبة. سابعا- المشكلات والمعوقات التي تواجهه الرقابة المالية: وفقاً للخلفية العلمية الحديثة ودراسة واقع الحال المعاش فإنه يمكن تلخيص المشكلات التي تجابه أجهزة الرقابة المالية في القطاعات والمنظمات الحكومية في الآتي: 1- قصور وسائل المساءلة في المخالفات المالية. حيث تقتصر صلاحية أجهزة الرقابة المالية (الداخلية والخارجية) بالنسبة للمخالفات المالية والإدارية في الكشف فقط عن هذه المخالفات ولفت النظر إليها والمطالبة، بمعالجتها، دون أن يكون هنالك حق قانوني مباشر لهذه الأجهزة في مساءلة ومحاكمة الموظفين عما يرتكبون من مخالفات – فقط يرفع الأمر إلى هيئات المحاكم العامة وتبعية ذلك من الانتظار الطويل ضمن القضايا في المجالات الأخرى. 2- عدم تعاون بعض الوحدات والدوائر الحكومية مع أجهزة الرقابة المالية واستمرار التسيب والهدر في المال العام بالرغم من كثرة عدد الاستيضاحات الموجهة لبعض الجهات وتكرارها وعدم البت فيها وعدم الرد على ملاحظات واستيضاحات المراقبين الماليين. 3- على الرغم من أن قوانين الرقابة المالية الخاصة بهذه الأجهزة تلزم الجهات الخاضعة للرقابة بالإجابة على استيضاحات المراقبين الماليين الممثلين لهذه الأجهزة وذلك خلال فترة محددة. إلا أن نصوص هذه القوانين لم تحدد الجزاء في حالة عدم استجابة هذه الدوائر بالرد على استيضاحاتها. ؟؟ 4- عدم استيعاب المراقبين الماليين لحقوقهم القانونية في أداء مهامهم، ومن ناحية أخرى عدم اعتراف الأفراد العاملين بالوحدات محل الرقابة بأهمية هذه الحقوق ودستوريتها وما تمنحه لموظفي أجهزة الرقابة المالية من حصانات تكفل أداءهم لما يعهد إليهم به من مهام بحرية مهنية تامة وغير متجاوزة. 5- تعاني أجهزة الرقابة المالية من نقص كبير في الكوادر المتخصصة، وتدنى المستوى العلمي والفني والخبرة في مجالات الرقابة للكوادر العاملة مما ينعكس سلباً على فعالية العملية الرقابية – وغير خفي وجود كم هائل من منسوبي أجهزة الرقابة المالية يتشدقون بحمل الدرجات الجامعية المتخصصة في المجالات الأدبية ومجالات العلوم الأخرى ويحسبون أنفسهم من بين الخبراء في العلوم المالية – ولم تكلف الأجهزة الرقابية عناء تأهيلهم العلمي على الإطلاق فقط – تعلموا قليلاً من مهارات الرقابة المالية وولجوا إلى ساحات العمل. 6- تداخل اختصاصات أجهزة الرقابة المالية الداخلية والخارجية مع بعضها البعض، الأمر الذي يحتم إعادة النظر في تشريعات هذه الأجهزة لإزالة التداخل فيما بينها وفي نفس الوقت – تدعيم أفكار منسوبي هذه الأجهزة فيما يتعلق بوحدة الهدف من أدائهم لمهامهم الموكلة. 7- لا تتمتع أجهزة الرقابة المالية بميزة الاستقلال التام داخل الوحدات الإدارية. 8- يترتب على عرض المخالفات والخلافات التي تثور بين أجهزة الرقابة المالية وبعض الوزارات والدوائر الحكومية للسلطة التشريعية للبت فيها أن تصبح الحكومة بمثابة الخصم والحكم في تلك الخلافات ويمتد الأمر ليدخل في حسبة النعرات الحزبية السياسية والنواحي العرقية, وبالتالي ضياع القضية الأساسية في خضم هذا التناحر والتدابر. 9- ضعف قانون الرقابة المالية المعمول به وقدمه وعجزه عن مواكبة التطورات الحديثة في مجال الرقابة المالية، بحيث لم يعد هذا القانون قادر على تلبية متطلبات الرقابة المالية على الأجهزة الحكومية، والتي شهدت نقلة نوعية كبيرة في الفترة الأخيرة في مجالات تنظيمها المالي ووسائل الرقابة على أموالها، وذلك على الرغم من المحاولات غير المجدية لتعديل القانون المطبق بما يتلاءم مع هذه التطورات. 10- الاستخدام النسبي بأجهزة الرقابة المالية لتكنولوجيا الحاسبات الالكترونية وملحقاتها المختلفة وانحسار الفهم بأهمية هذه التكنولوجيا في مفاهيم ضيقة إلى الحد البعيد – ولا يزال عمل هذه الأجهزة الرقابية يعتمد بشكل أساسي على الطريقة اليدوية ورفيقاتها من المجلدات الضخمة السائبة. 11- غياب المفهوم العلمي لأهمية نظام الحوافز في شأن رفع الروح المعنوية لمنسوبي أجهزة الرقابة المالية ومن ثم تحسين كفاءة الأداء (يعنى الحوافز عن الأداء وليس حوافز الأعياد أو ما في حكمها) ومن جهة أخرى عدم الاهتمام أيضاً بتحفيز وحدات الرقابة داخل المنشاة محل الرقابة من خلال توجيه مكتوبات شكر وتقدير عن سلامة أدائها . ثامنا- الحلول لمعالجه المشكلات والمعوقات التي تواجهه الرقابة المالية: لتفعيل دور أجهزة الرقابة المالية في القطاع الحكومي والتغلب على الصعوبات التي تواجهها يرى الكاتب أن يؤخذ بالتوصيات التالية: 1/ يجب أن يتوافر للجهاز الأعلى للرقابة (جهاز الرقابة المالية)، رقابته المالية بروح حرة ومستقلة من أي تحيز سياسي، مع مراعاة عدم الصدام مع الإدارة . 2/ ضرورة مراجعة التشريعات التي تحكم عمل الأجهزة الرقابية سواء كانت مالية بحتة أو إدارية لإزالة التعارض بين نصوص هذه التشريعات وإزالة التداخل بين عمل هذه الأجهزة بما يضمن حسن سير العمل ويؤدى إلى زيادة كفاءة وفاعلية هذه الأجهزة. 3/ يجب أن لا تقتصر تشريعات الأجهزة الرقابية على التأكد من تحقيق الإدارات لأهدافها واكتشاف المعوقات والمخالفات، ولكن يجب أن تعنى هذه التشريعات بوسائل العلاج وسبل الإصلاح لذلك لا بد من إعطاء صلاحيات كافية لأجهزة الرقابة المالية وتمكينها من تصويب المخالفات والأوضاع الخاطئة وتحويل موظفي هذه الأجهزة الصلاحيات الضابطة العدلية في ممارسة وظائفهم. 4/ وضع القوانين والتشريعات الرقابية التي تلزم الإدارات الخضوع للرقابة المالية والبدء الجدي بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على كافة المستويات. 5/ نظراً لانتشار الجرائم الاقتصادية وتأثيرها على الاقتصاد القومي بوجه عام لا بد من تبنى أجهزة الرقابة المالية لسياسات وخطط وبرامج تنفيذية للإصلاح الإداري والمالي تهدف إلى بحث ومتابعة حالات الجرائم الاقتصادية والكسب غير المشروع والرشوة والمحسوبية. 6/ تفعيل مبدأ حياد الوظيفة الحكومية بشكل عام من خلال وضع ضوابط موضوعية تمنع تسييس الوظيفة الحكومية والعمل على إخضاع التعيينات والترقيات والتنقلات لقوانين موضوعية واضحة وأنظمة ولوائح نافذة. ووقف كل التعيينات والترقيات التي تمت مخالفة للقوانين والأنظمة المعمول بها. ؟؟؟ ولذلك آثاره إيجاباً على عمل أجهزة الرقابة المالية. 7/ رفد أجهزة الرقابة المالية بموظفين مختصين وذوى كفاءات علمية وعملية في مجالات الرقابة المالية على أن لا يقل المؤهل العلمي للعاملين في هذه الأجهزة عن درجة البكالوريوس كحد أدنى، إضافة إلى مرورهم باختبارات جدية وعلى درجة من الصعوبة لعقد دورات تدريبية بصفة مستمرة لتطوير مهاراتهم في مجالات الرقابة المالية واتجاهاتها الحديثة، هذا مع اعتماد تكنولوجيا الحاسبات كمدخل أساس لتطوير المهارات. 8/ تفعيل نظام الحوافز على الأداء في أجهزة الرقابة المالية من خلال مقارنة ما هو مخطط لعمل المراقبين الماليين مع الأداء المنفذ من قبلهم, إضافة إلى تحسين الرواتب والامتيازات المالية الأخرى الخاصة بمنسوبي هذه الأجهزة لضمان استقلاليتهم ونزاهتهم وكفاءتهم في أداء المهام الموكلة.