وأمرهم شورى بينهم الخطبة الأولى:الحمد لله الذي قدر فهدى، وأمر بالتعاون على البر والتقوى، وجعل الشورى نظاماً ومنهجاً ودستوراً، والصلاة والسلام على إمام المصلحين، وخاتم النبيين والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دعوته، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.عباد الله: يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى : 38]، لقد قرن الله -سبحانه وتعالى- الشورى في هذه الآية بعبادات جليلة وعظيمة كالاستجابة لله، مما يدل على أن الشورى عبادة كسائر العبادات التي أمر الله بها. يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) أَيْ: "لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ، لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِمْ فِي مِثْلِ الْحُرُوبِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) ولهذا كان -عليه الصلاة السلام- يُشَاوِرُهُمْ فِي الْحُرُوبِ وَنَحْوِهَا، لِيُطَيِّبَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُمْ. " [ ابن كثير (2/ 211) ].إن للشورى أهمية عظيمة في حياة الفرد والمجتمع، فالمرء الذي يشاور العقلاء ويستشيرهم في أموره يدرك صواب رأيه أو خطأه، وربما عزم على أمر فإذا شاور غيره فيه تبين له خلاف ما كان يعتقده وما يتصوره فيعدل عن رأيه، ويكف عن الإقدام على ذلك الأمر الذي عزم على فعله، وكم من أناس كانوا يظنون آرائهم صواباً محضاً لا خطأ فيها فلما شاوروا غيرهم ونظروا في آراء الآخرين علموا قصورهم، وتبين لهم وجه خطأهم، فلا تُقدم على أمر أياً كان نوعه، ولا تتخذ قراراً مهما كان حجمه إلا بعد مشاورة أهل الرأي والتخصص؛ حتى لا تقع فريسة للأخطاء، فإياك أن تتخذ فيها قراراً انفراديا بدون مشاورة لأحد، لأن هذا سيعرضك في كثير من الأحيان للأخطاء القاتلة،عباد الله: إن الشورى هي نظام إسلامي متكامل، جعله الله أساساً ودستوراً للحكم الإسلامي، فنظام الدولة الإسلامية في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين هو نظام الشورى، ويوم كانت الأمة تمشي بهذا النظام كان العدل والإنصاف هو السائد، وكانت الأمور تسير على خير كبير، لأن قراراتها التي تتخذ كانت صائبة لأنها اتُخذت على هذا الأساس أساس الشورى. إن هذا النظام العظيم نظام الشورى في الإسلام مكّن الأمة وجعلها هي صاحبة السلطان، فلا يتخذ الحاكم أو الأمير قراراً إلا بمشاورتها وأخذ رأيها، وجعلت السلطان ينظر إلى نفسه إلى أنه مجرد وكيل عن الأمة ونائباً عنها ولا يحق له أن يستبد برأيه، أو يتصرف بهواه بعيداً عنها، وصار الناس ينظرون إلى المستبد برأيه أنه خائن للأمة، ممارس للطغيان الذي يفسد البلاد والعباد.فالشورى هي المنهاج الصحيح والطريق القويم الذي إذا أرادت الأمة الصلاح والخير فعليها أن تمشي عليه، وتتخذه نظاماً لحكمها، وتطالب بتطبيقه في واقعها، لأن المجتمع الإسلامي لن يتناسب معه أي نظام آخر غير النظام الشوروي، فلقد جربت الأمة النظام الوطني فزال وباد، وجربت النظام الشيوعي والاشتراكي فسقط وانتهى، وجربت النظام الديمقراطي العلماني فثبت فشله وظهر عجزه، فلن يصلح لها إلا نظام الشورى الذي صلحت به أول هذه الأمة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، لأنه النظام الوحيد القادر على إيصال رسالة الإسلام الحضارية إلى كل الأمم، وهو بداية الخير لكل تغيير وإصلاح تنشده الأمة وتريده.ومما يثير الدهشة والعجب أن يساوي البعض بين الشورى والديمقراطية، ويرى أن الشورى هي الديمقراطية والديمقراطية هي الشورى، فالشورى نظام إسلامي جاء به الدين الإسلامي الحنيف، والديمقراطية هي نظام غربي نشأ في الغرب وترعرع فيه، وإن صلح نظاماً لأمة من الغرب فإنه لم يصلح ولن يصلح لأهل الإسلام وبلاد الإسلام، فهذا نظام وذاك نظام، ومن يجعلهما نظاماً واحداً فقد ادعى دعوة غريبة، وجمع بين المتناقضين، فكيف نساوي نظام عتيق بنظام حديث؟، وإذا كانا شيئاً واحداً فلماذا اسم الديمقراطية يختلف عن اسم الشورى، فإذا كانوا يقولون أن الديمقراطية هي الشورى فلماذا يسمون الشورى بغير اسمها؟، ولكنه التلاعب بالمصطلحات الشرعية، والاستسلام للواقع الذي فرضه النظام العالمي الجديد الذي عجزوا عن دفعه ومواجهته فحاولوا التلفيق بينه وبين النظام الإسلامي الذي لم يتمكنوا من تطبيقه، فيجب أن نحذر من التلاعب بالمفاهيم، وإنزال المصطلحات الإسلامية على المصطلحات الغربية.إن الإسلام حينما أمر بالشورى وحث عليها ورغب فيها فإن في ذلك دلالة واضحة على تقدير الإسلام للعقل، واعتباره مقتضى من مقتضيات التكريم لبني آدم، وإعطائه فرصة للنقد وطرح الرأي والحوار، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء : 70]، لكن يجب أن نعلم أن الشارع الحكيم المصلحة متحققة فيها فلا تحتاج إلى تتبع الآراء حولها، فلا يجوز مثلاً أن يتم التشاور حول حكم السارق، لأن مثل هذه المسائل قد أوضح الله فيها حكمه، فالتشاور فيها ووضعها على طاولة النقاش والحوار كفر وزندقة، وتعالي على أحكم الحاكمين -سبحانه وتعالى- الذي يقول: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة : 50] ويقول: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة : 138]. هو واحد من اثنين: إما أن يكون شخصاً عشوائياً، وإما أن يكون شخصاً متكبراً مغتراً بنفسه، يرى أنه أرجح الناس عقلاً، ولذلك فلا حاجة له في مشاورة غيره ممن يراهم في نفسه أقل منه تفكيراً وأضعف رأياً، وهذا هو المنطق الفرعوني الذي كان عليه فرعون إمام المتكبرين الذي كان يقول: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر : 29]، وقوله هو القول الصواب، فلماذا يستشيرهم أو يعرض الرأي عليهم. فلا يشاور ولا يحب الشورى حتى يقع في نهاية أمره وعاقبة فعله في الغرق والخسارة، وحينها يتمنى أن لو استشار أو أخذ برأي من أشار عليه في الأمر الذي وقع فيه، ولهذا أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بمشاورة أصحابه، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- أكمل الناس عقلاً، وخيرهم وأفضلهم توفيقاً وسداداً، ومع ذلك كله قال الله له: ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران : 159]. ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنه هو الغفور الرحيم. وجعل الشورى منهجاً ونظاماً, وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه,أيها الناس: وفي الشورى ألفة ومحبة، وتكاتف اجتماعي عظيم، فتخيل حينما تشاور عدداً من أهل الخبرة في أمر ما، لا شك أن هذه الشورى ستخلق بينك وبين من شاورتهم علاقة طيبة، لأنهم يرون في استشارتك لهم تقديراً لهم، واحتراماً لآرائهم وأفكارهم وعقولهم، إذ ليس من المعقول أن تشاور أحداً وأنت ترى فيه النقص والضعف، فلن تشاور إلا من ترى كمال عقله، فيُكن لك في نفسه المحبة والقبول الصادق، كما أنه سيرى فيك الرجولة والكمال والحزم حينما يراك تستشير في آرائك، وتبتعد عن الوحدة والانفرادية في اتخاذ القرارات، يقول ابن العربـي -رحمه الله-: "الشورى ألفة للجماعة، وسبب إلى الصواب، وما تشاور قوم قط إلا هدوا إلى الصواب" [ أحكام القرآن ( 4 / 91 ) ]. يكفيك في ذلك أن فيها امتثالاً لأمر الله، واقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكفى بهذا خير وبركة، كما أن من بركاتها اجتماع الآراء، وتنوع وجهات النظر التي تعطي للمرء فرصة في الأخذ بأفضل الآراء، والوصول إلى الحقيقة التي يريد الإنسان أن الوالد في البيت ربما لم يضع مسألة واحدة على أولاده في يوم من الأيام ليرى رأيهم فيها، وكل ما عنده قرارات فقط وما عليهم إلا التنفيذ فقط، ولا تشاور بناتها في أمور البيت واحتجاجاته، وإذا وضعت عليهن الرأي فإنما هو للعلم فقط وليس للشورى، بل ربما يحصل من الوالدين وهو الأطم ضررا والأعظم تعديا أن يزوجوا الابن أو البنت بدون استشارته وأخذ رأيه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: "أَنْ تَسْكُتَ" [ البخاري (5136) مسلم (1419) ] ومعنى تستأمر: أي يطلب أمرها وتشاور.وهكذا لو نظرنا إلى الوضع في مدارسنا ومحاضننا التربوية والتعليمية ومناهجنا تجد أن هذا النهج قد غاب عنا إلا من رحم الله، مع أننا لو تأملنا واقع النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الجانب جانب الشورى لوجدنا عجباً عجاباً، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يشاور في كثير من الأمور: فشاور في بدر عندما شاورهم في الخروج للقتال، وشاوره الحباب بن المنذر في تغيير المكان الذي نزلوا فيه فغيره -صلى الله عليه وسلم- حينما أدرك صواب رأيه، كما شاورهم -صلى الله عليه وسلم- في أسرى بدر. وكذلك في معركة أحد استشار الناس جميعاً في الخروج لملاقاة الاعداء أو البقاء في المدينة لأن الأمر يهمهم جميعاً، وكان عامة الرأي على الخروج فخرج؛ وإن كان ذلك مخالفاً لرأيه صلوات ربي وسلامه عليه. وفي غزوة الخندق عندما أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يعطي غطفان ثلث ثمار المدينة شريطة ألا يقاتلوا المسلمين، ويعودوا إلى بلادهم، وبعث لأجل ذلك إلى سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة -رضي الله عنهما- يستشيرهما، فقالا له قبل أن يبديا رأيهما: "يا رسول الله, أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، قال: "بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، فأردت أن أكسر عليكم من شوكتهم إلى أمر ما"، فأشارا عليه وخالفاه وأخذ برأيهما." وقبل هذا استشارهم في كيفية مواجهة هذا التحالف العسكري الكفري على المسلمين، فأشار عليه سلمان رضي الله عنه بحفر الخندق.وفي صلح الحديبية استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في الخروج إلى البيت معتمرين، فإن صدتهم قريش قاتلوهم فأشاروا بالخروج وفرحوا بمقدمهم على البيت، ولكن الله تعالى أراد ما هو خير لهم فجرت مفاوضات طويلة حتى كتب الصلح بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين قريش، ولما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كتابة الصَّلح قال لأصحابه: "قوموا، فذكر لها ما لقي من الناس فأشارت على النبي -صلى الله عليه وسلم- برأي وعرف النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صواب ما أشارت به، فلما رأى الصحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به.ولما نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْن الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [ الأحزاب , آية: 28 - 29]، عرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمر على نسائه، وخيرهن بما نصت عليه الآيتان فبدأ بعائشة -رضي الله عنهما- وقال لها "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" [ البخاري (4785) ] وفي رواية مسلم: "حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ" فقَالَتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟ بَلْ أَخْتَارُ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ " [ مسلم (1478) ].وهكذا كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- استشار الناس في حرب فارس والروم، وكذلك فعل عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- استشار الناس جميعاً حتى النساء والعامّة في أيّهم يختارون للخلافة بعده، وحوادث الشورى في عهدهما كثيرة ومشهورة.وها هو عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- يشاور أصحابه في أمر الخوارج الذين ثاروا ضده فيرسل إلى معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عامر ليشاورهم في الأمر ويقول لهم: "إن لكل امرئ وزراء نصحاء، وطلبوا إلي أن أعزل عمّالي، فاجتهدوا رأيكم وأشيروا علي"، فأخذ كل واحد منهم يدلي برأيه في الأمر حتى يصلوا إلى الرأي الأصوب.ولما تولّى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أشار عليه المغيرة بن شعبة بأن يثبّت معاوية بن أبي سفيان على الشام، ويولّي طلحة والزبير مصر والعراق ليستقيم له الأمر، ولكن ابن عبّاس عارض هذا الرأي، وهذا إن دل على شيء فإنّه يدل على أن مبدأ الشورى كان واقعا في حياة الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم أجمعين-. لتصبح جزء لا يتجزأ من ممارساتنا اليومية، وتأخذ الشورى دورها الحقيقي في أرض الواقع، ونربي عليها أبنائنا وطلابنا لتصبح نظاماً نمشي عليه ونسير به، (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى : 38].أيها المسلمون: وحتى نخرج من خطبتنا هذه بأمور عملية، حبذا لو يتكون في كل مدينة أو حي مجلساً استشارياً، يضم عدداً من الاستشاريين، أو يتشاورون مثلا في قضية معينة أو نازلة ما، هذه فكرة أرجوا أن يكون لها صدى وقبولا، وكما يقال في المثل: "َما خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، ويقول أحد الأدباء: "من استغنى برأيه ضل،صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم جل جلاله بالصلاة والسلام عليه فقال (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56]. وخذ بأيدينا إلى كل خير، ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى آرائنا طرفة عين.اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.