واشتهر التأليف بعد ذلك؛ إلّا أن طابع التأليف أخذ في الاختلاف من جهة القصد والمنهج. فالبناء على أصول إمام المذهب وقواعده. فهذا الإمام الجَصّاص في كتابه المعروف (أحكام القرآن) لا يألو جُهْدًا في نُصْرَة مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت (ت: 150هـ)، والتكلّف المتعسف! ثم هو تطبيق للقواعد والأصول التي يقوم عليها مذهب الحنفيَّة. وهذا الإمام إلْكِيَا الهَـرّاسي يصرّح في مقدمته بأن القصد من التأليف «شرح ما انتزعه الشافعي، من أخذ الدلائل في غموض المسائل، فقد أشار للأمرين؛ فالقصد: شرح استدلالات الشافعي -رحمه الله-، والمنهج: جمع استدلالات الشافعي، وضم مسائل أُخَر منسوجة على منواله في التأصيل والاستدلال. ولا يُعاب على إلْكِيَا الهَـرّاسي أن يؤلّف في استدلالات الإمام الشافعي، فهذا أقلّ ما ينبغي تجاه آراء الأئمة الكبار واجتهاداتهم؛ ليقتدي الخلَف بالسلَف في طريقة الفقه والتفقه؛ وعدم رؤية الحق إلّا من جهة واحدة، مع القدرة على البحث والاستدلال. وقد استمر التأليفُ في إطار المذاهب؛ لكنّ المؤلفين قد اختلفت مناهجهم في البسط والإيجاز، فمنهم من اقتصر على قول واحد في التفسير والاستنباط، ومنهم من توسّع في ذكر أقوال الأئمة، والاهتمام باختلاف الآراء والاجتهادات، وبحث عن الرّاجح من الأقوال، فلم يتكلم في مسائل العلم إلا من خلالها، أعني التفاوت في العقول والأفهام بين الأنام،