وأما كتب الشيخ أبي حامد الغزالي فهو بحسب مخاطبته للجمهور يربط في موضع ويحل في موضع آخر، ويكفر بأشياء ثم يتحللها، ثم إن من جملة ما كفر به الفلاسفة في كتاب التهافت إنكارهم لحشر الأجساد وإثباتهم الثواب والعقاب للنفوس خاصة، ثم قال في أول كتاب «الميزان» إن هذا الاعتقاد هو اعتقاد شيوخ الصوفية على القطع. ثم قال في كتاب «المنقذ من الضلال والمفصح بالأحوال» إن اعتقاده هو كاعتقاد الصوفية، وإن أمره إنما وقف على ذلك بعد طول البحث. وفي كتبه من هذا النوع كثير يراه من تصفحها وأمعن النظر فيها، وقد اعتذر عن هذا الفعل في آخر كتاب «ميزان العمل»، حيث وصف أن الآراء ثلاثة أقسام: رأي يشارك فيه الجمهور فيما هم عليه، ورأي يكون بحسب ما يخاطب به كل سائل ومسترشد، ورأي يكون بين الإنسان ونفسه لا يطلع عليه إلَّا من هو شريكه في اعتقاده. ثم قال بعد ذلك: «ولو لم يكن في هذه الألفاظ إلَّا ما يشكك في اعتقادك الموروث لكفى بذلك نفعًا، فإن من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والحيرة.