تلقى العلم في بلنسية على أبي عبد الله بن نوح، وأبي جعفر الحصّار، وأبي الحسن بن خَيْرة، وهو الذي علّم ابن الأبّار صناعة الكتابة وحبب إليه إتمام كتاب الصلة لابن بشكوال. واتخذه أمير بلنسية محمد بن أبي حفص كاتباً له، ثم أصبح كاتباً لابنه أبي زيد من بعده، ولما تغلب زيان بن مردنيش على بلنسية اتخذ ابن الأبّار كاتباً له سنة 626هـ، ولما حاصر ملك أراگون (دون خايم) مدينة بلنسية في رمضان 635هـ/1238م استغاث صاحبها زيّان بن مردنيش بسلطان الدولة الحفصية أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد الحفصي، وأنشد ابن الأبّار أمام السلطان الحفصي قصيدته السينية التي مطلعها: أدرك بخيلك خيل الله، ولكنه لم يستطع إنقاذ المدينة المحاصرة التي اضطرت إلى التسليم، وحينئذٍ غادر ابن الأبّار بلنسية مع جميع أفراد أسرته، وأسندت إليه الكتابة في ديوان السلطان وكلّف وضع العلامة السلطانية في أعلى الرسائل والمنشورات الصادرة عن القصر. وما لبث السلطان أن أصغى إلى أقوال الوشاة والحاسدين وطلب من ابن الأبّار أن يقتصر على إنشاء الرسائل وأن يدع مكان العلامة للخطّاط الجديد، وغضب السلطان عليه فصرفه عن العمل، وحاول ابن الأبّار أن يتلافى خطأه فألف كتاب «إعتاب الكتّاب» وأهداه إلى السلطان واتصل بنجله وولي عهده أبي يحيى زكريا الذي تشفع له عند أبيه فرضي السلطان عنه وغفر زلّته، وقد توفي ولي العهد زكريا قبل وفاة أبيه بسنة وصار الأمر بعده إلى أخيه أبي عبد الله الذي لُقِّب بالمستنصر، ولكن ابن الأبّار ما لبث أن أغضب المستنصر وحاشيته بسلوكه، ثم أحرق جثمانه ومصنفاته وأشعاره وإجازاته العلمية في محرقة واحدة. عرف ابن الأبّار بالطموح والفخر والاعتداد بالنفس والأنفة وسرعة الغضب، كتبه «التكملة لكتاب الصلة لابن بشكوال» وهو كتاب في تراجم علماء الأندلس وأعيانها وشعرائها، يتحدث فيه عن مشاهير الأعلام في السياسة والحرب من رجال الأندلس وبلاد المغرب من المئة الأولى إلى المئة الرابعة. «تحفة القادم» وهو في تراجم الشعراء الأندلسيين وقد وصل إلينا مختصر له. وإقالة العثرة هي مدار البحث في تأليف الكتاب الذي ضمّ خمساً وسبعين ترجمة، وللكتاب قيمة أدبية وتاريخية إضافة إلى قيمته الإنسانية التي تحثّ على الصبر والعفو. كالغبريني والمقري وابن العماد وابن خلدون وغيرهم، وقد كشف المحدثون في دراساتهم عن أعمال ابن الأبّار وخصائصه وميزاته.