وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها. فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وواجب على زوجها إكرامها، وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة. فلا يكادر يرد لها طلب، وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وكانت مظلومة في الجاهلية بين العرب، وأمر بالإنفاق عليها، وألزم والدها بالإنفاق عليها، وزوجها بالإنفاق عليها، وأمر الدولة الإسلامية أن تنصفها، وجعل لها قيمة متى قتلت قتل بها الرجل، أما قوله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] فالأمر فيها واضح، الله سبحانه فضل الرجال على النساء؛ لأن جنس الرجال أقوى في الجملة على أداء الحقوق، وعلى جهاد الأعداء، وعلى الإحسان إلى الأولاد والنساء وحمايتهم من الأذى والظلم، إلى غير هذا مما هو معروف شرعًا وفطرة وحسًا، أن الرجال أقوى وأقدر على ما ينفع المجتمع من النساء في الجملة. ثم الرجال ينفقون أموالهم في الزواج بإعطاء المهور، من جهة تفضيل الله لهم على النساء لما هو معلوم من كون الرجال أكمل وأقدر على كل شيء في الجملة، ولأنهم أنفقوا أموالهم في تحصيل الزوجات من مهر وغيره؛ ولهذا قال سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]. ولا يلزم من هذا أن يكون كل رجل أفضل من كل امرأة، أما بالتفصيل: فقد تكون امرأة أفضل من رجل، ولكن في الجملة جنس الرجال مفضل على جنس النساء، وهذا يعرف بالشرع وبالعقل وبالفطر وبمعرفة الواقع والتجارب، ولكن كم لله من امرأة أفضل من رجل بسبب علمها ودينها واستقامتها وبصيرتها، عرف أن هناك نساءً طيبات يفضلن على كثير من الرجال، ولم يكمل من النساء إلا: آسية ابنة مزاحم -زوجة فرعون-، ومريم ابنة عمران وجاء في فضل فاطمة بنت النبي ﷺ وفضل خديجة -رضي الله عنها- وعائشة -رضي الله عنها-، وفاطمة ابنة النبي ﷺ، ومريم بنت عمران أم المسيح عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وآسية ابنة مزاحم زوج فرعون، ولهن تفضيل على كثير من الرجال. لكن حكمة الله اقتضت تفضيل الرجل على المرأة في أشياء معينة أيضًا: كالإرث، فإن البنت تعطى نصف ما يعطى الذكر من الأولاد، والأخت من الأبوين أو الأب تعطى نصف ما يعطاه الأخ الشقيق، والزوجة تعطى النصف مما يأخذه الزوج، فإذا أخذ الزوج النصف صار لها الربع، فكل موضع فضل فيه الرجل على المرأة فله وجاهته،