منذ بناء الدولة الوطنية صنعت السياسة العمرانية والخارجية التي عرفتها الجزائر ما يدفعنا إلى الجزم بأنه لا يمكن الاجتماعية والاقتصادية. محطات من تطور السياسة العمرانية دون أن نطمح إلى تعقب دقائقها لأن الغرض هو قراءة نتائج هذه السياسة في أبعادها كان للصدمة الكولونيالية أثارها على النسيج العمراني إذ تتعارض مع طبيعة المجتمع الجزائري ومع طبيعة الملكية كما أعاد الاستعمار الفرنسي تشكيل مورفولوجيا المدن في الجزائر بحيث تتناسب ومصالحه ومصالح المعمرين وأخذت المدن طابع الهندسة العسكرية وتكتلات الاحتلال لتتلاءم ثم تحولت السياسة العمرانية بتحول الاستعمار من استعمار عسكري إلى استعمار استيطاني وموانئ۔ تخدم مصالحه الاقتصادية ومصالح معمريه وإنشاء لمجمعات سكنية ومشاريع اقتصادية وعسكرية تتلاءم والتقدم ونسجل هنا أن السياسة العمرانية المطبقة كانت أداة العمراني في فرنسا ثانيا، ويلاحظ ذلك على مستويين: مستوى العقار الفلاحي، وثانيا على مستوى تطبيق النصوص القانونية سنة 1931 بحث خطط لإنشاء مناطق حضرية بتجهيزاتها لكن على الشاكلة الغربية وبما يتوافق واحتياجات المعمرين والفرنسيين العاملين في الوظائف الإدارية والأمنية. ونتوقف في هذا المقام لنشير إلى بعض الكتابات مثل التي وردت عند "سعيدوني" والتي أشارت إلى التغير في السياسة العمرانية الاستعمارية مع بداية النصف الثاني للقرن العشرين بحيث توجهت إلى النجاعة في التخطيط الحضري العمراني من خلال آليات توسيع البناءات وتجهيز وتهيئة المناطق الحضرية وفق مخطط عمراني حديث يمتد على المدى الطويل وترقية الطرقات وغيرها. 22) إلا أنه يجب التنويه إلى أن هذا التوجه غالبيتهم لأنهم كانوا متروكين على هامش تلك السياسة، للمعمرين وللاستعمار. فما هي المعالم الأساسية للسياسة العمرانية للدولة الوطنية بعد تحقيق الاستقلال؟ في التهيئة العمرانية ناجمة عن سياسة استعمارية موجهة لحاجات السكان الأوروبيين فقط والذين غادر معظمهم الجزائر مع خروج سائدة وتقسيما إداريا موروث عن الاستعمار مبني على أساس وجود مناطق عسكرية وقرى لأوروبيين فيما ترك الجزائريين على هامش الحياة الحضرية لا دور لهم في صناعة سياستها العمرانية. الزيادة الهامة لسكان الجزائر بعد الاستقلال لأسباب متعددة وهذا ما أسهم مع الوقت في زيادة الحاجات العامة التي يقع على الدولة الوطنية إلتزام تغطيتها. وقد بذلت الدولة الوطنية منذ استقلال ويمكننا أن نقسم السياسة العمرانية والحضرية في الجزائر إلى الفترات التالية: المطلب الأول: مرحلة السياسة العمرانية الممركزة (1962- 1979 حددت الوضعية التي خلفها الاستعمار وراءه في المجال الوطنية الفتية والتي بادرت سلطاتها إلى إنشاء المخطط العمراني المبدئي للبلديات التي يزيد عدد سكانها عن العشر ألاف نسمة ووضعت أول اللبنات المؤسساتية في عام 1965 من خلال إنشاء وإنشاء أول مكتب دراسات جزائري في الهندسة المعمارية سنة 1968 أعقبته مكاتب وهيئات أخرى كلفت بإنجاز مخططات توجيهية 23) أما على مستوى النموذج فقد امتد العمل بالتسيير الذاتي إلى مجال تسيير المجال العمراني ما زاد من تعميق العشوائية في غياب ومع بداية سبعينيات القرن الماضي بدأت ملامح سياسة عمرانية جديدة تظهر والقائمة على أساس التخطيط المركزي الذي شمل جميع القطاعات بالنظر إلى التوجه الاقتصادي الذي انتهجته الجزائر والذي امتد للمجال العمراني وذلك ما ظهر في المخططين الرباعيين (1973-1970) (1977-1974) حتى وإن إذ شهد المجال العمراني تخطيط وتنفيذ المشاريع الكبرى خلال المخططات الولائية والبلدية للتنمية ومخططات التجديد عمراني متوازن من خلال محاولة التخفيف من الضغط الديمغرافي بالنظر إلى الزيادة الديمغرافية التي بدأت الجزائر تعرفها ومشاكله على مدن الشمال(24)، كما برز الاهتمام بمشكلة التي رسم بها. بخيار تبني نموذج الصناعات المصنعة والذي جسد من خلال المناطق الصناعية التي تم إنشائها بقوة مع التركيز دائما على وهذا يطرح تناقض مزدوج في السياسة العمرانية المتبناة فمن جهة زرعت تلك المناطق القاعدية (الطرق والشبكات) بالنظر إلى طبيعة التربة الفلاحية بامتياز، ومن جهة ثانية يطرح تبني إنشاء تلك المناطق الصناعية بالشغل تناقض آخر مع أهداف السياسة الزراعية التي عبرت عنها الثورة الزراعية ومع مشروع الألف قرية اشتراكية الذي وفي نفس الوقت سياسة التصنيع كانت توفر فرص عمل في الجزائر غدا، والنقل. حدة الهجرة الريفية(25) وكان تأثيره عكسيا بالمقارنة مع الأهداف المرجوة من مشروع الألف قرية الاشتراكية خصوصا المطلب الثاني: مرحلة إصلاح السياسة العمرانية (1979- تأكد لدى السلطات العمومية في هذه الفترة عمق مشاكل المجال العمراني مع زيادة حاجات السكان إلى السكن والتعليم لذلك برز وتجسد دائرة وزارية منوط بها مهمة التهيئة العمرانية وهي وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية، كما أنشئت الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية سنة 1980 وفي 1981 استحدثت الوكالة الوطنية صدر قانونان يعدلان قانون البلدية والولاية ويوكلان لهما المخطط الولائي للتهيئة والمخطط البلدي للتهيئة، إن هذه النية الإصلاحية ارتطمت بمجموعة من المعوقات التي عن التأسيس لتهيئة عمرانية عقلانية تتخطى المشاكل المطروحة وبين الواقع العمراني غير المطابق لتوجهات التخطيط. *استمرار النظر إلى إشكالية التنمية من منظر عمودي مركزي إداري على حساب الاهتمام بالتنمية المحلية الأفقية على الرغم * عدم الاستقرار المؤسساتي لوظيفة التهيئة العمرانية إذ كانت في الأسواق العالمية مع منتصف عقدية الثمانينيات من القرن الماضي خصوصا وأن ميزانية الدولة كانت تعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات البترول وانعكس هذا على جهود التهيئة العمرانية وتغطية الحاجات العامة من الإسكان والتعليم والصحة والنقل *زيادة حدة الأزمات التي عرفتها الجزائر وخصوصا أزمة السكن التي كانت وراء بداية بروز العشوائيات على أطراف لسنة 1987 الذي حدد أدوات التهيئة على المستوى الجهوي والوطني لكنه لم يتبع بالنصوص التطبيقية التي تحدد كيفيات اعتماد هذه المخططات. 27) :(2010 السياسية والاقتصادية وبالتالي الاجتماعية التي عرفتها الجزائر والتي تؤكد التغير إذ تفتحت الجزائر سياسيا على التعددية والنموذج الديمقراطي بعد صدور دستور 1989، أما على بروتن وودز بعد اتفاق Stand by فقد توجهت الجزائر إلى تبني اقتصاد السوق وفتح الباب أما الاستثمار الخاص مع ما تبعه من والتضخم وتهميش المناطق الداخلية وتدهور مستوى المعيشة 28) وقد زادت مأسسة لكن الذي يعنينا أكثر في هذه المرحلة هو ب. ت) ص48- 50 التسعينيات من القرن الماضي. رغم كل السلبيات التي سجلت على ذلك النص هما: المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير PDAU ومخطط شغل الأراضي POS(29) ولمعالجة الأوضاع الراهنة كما حدد المشرع وبدقة متناهية من خلال هذه الأدوات إستراتيجية تنظيم التعمير من خلال تحديده للرخص الإدارية المرتبطة بالنشاط العمراني والمتمثلة في شهادة التعمير ورخصة الهدم ورخصة البناء لكن سيان بين ما أوردته تلك المرحلة هو الجلسات الاستشارية الوطنية التي نظمتها وزارة العمرانية سنة 1995 وساهمت فيها السلطات العمومية: الوزارات والجماعات المحلية وخبراء من الجامعات والجمعيات الأهلية وخبراء من القطاع قصد مناقشة وإثراء وثيقة "الجزائر منها الحقل العمراني خصوصا ذلك التناقض في النظرة الإستراتيجية بين التعمير والأوعية العقارية (الأرض)، السالفان الذكر. واعتماد معيار المنفعة الاقتصادية المحققة من وراء ذلك، وبين جناح يدافع عن استمرار تدخل الدولة في هذا الحقل للأهمية التي يكتسيها وارتباطه بسياسة التنمية حتى وإن كان يقول بإسهام الجزائر وفك الخناق على الشمال ومدنه الكبرى (الجزائر، وموارد مائية ووحدات تبريد وشبكة مؤسسات صغيرة ومتوسطة مع يصاحب ذلك من هياكل قاعدية مثل الطرق السريعة وسكك هذه الوثيقة لرسم سياسة عمرانية رشيدة؟ إن البرامج المرتبطة بالعمران المشار إليها أعلاه برزت الاقتصادي الذي أطلقته السلطات العمومية في سنة 2001وخصصه له غلاف مالي قدر ب: 525 مليار دينار (ما وكانت من بين أهدافه تهيئة وانجاز هياكل قاعدية تسمح بإعادة بعث النشاطات الاقتصادية وتغطية شرق-غرب والذي بدأت الأشغال عليه في 08 سبتمبر 2006 على أن يسلم نهائيا في 2011 وبغض النظر عن الكلفة الباهظة حاجات سكانه على حساب المناطق الداخلية جنوب الهضاب العليا والجنوب الكبير. المطلب الرابع: مرحلة سياسة الإنفاق العمراني (2010- :(2020 ظهر بشكل جلي في هذه الفترة ذلك الارتباط الوثيق بين الريع البترولي والإنفاق العمومي عموما وعلى الحقل العمراني بصورة في الصيغة السكنية الجديدة "عدل"(32) ازدياد ضغط أزمة السكن وتنامي أشكال الهشاشة العمرانية من خلال تنامي الأحياء العشوائية التي وإن كانت الأزمة الأمنية وترجمت السياسة العمرانية المتبعة على المستوى التنظيمي والتشريعي بإصدار القانون 10-02 في 29 جوان 2010 المتضمن المصادقة على المخطط الوطني لتهيئة الإقليم والذي صنف أربع حواضر كبرى هي الجزائر، قسنطينة وعنابة، حدد فيه التصور المستقبلي في أفاق 2030 مع ضرورة والجماعات المحلية والمؤسسات الوطنية باحترام ضوابط وقواعد 33) المؤسسي إذ برز الاهتمام السياسي بالعمران والحاجة إلى تهيئة تعاقبت على السلطة في الجزائر في هذه المرحلة نسجل حضور حقيبة وزارية مكلفة بالتهيئة العمرانية أو تهيئة الإقليم حسب الحالة باستثناء حكومة أويحى العاشرة (من 15 أوت 2017 إلى 11 مارس 2018) التي اختفت فيها حقيبة تهيئة الإقليم وربط الإقليم طيلة هذه الفترة كانت مربوطة بالبيئة وهذا شيء يحسب في التنظيم الوزاري، لكن مع حكومة سلال الرابعة (من 14 ماي 2015 إلى 11 جوان 2016) أصبحت الحقيبة الوزارية المكلفة بالتهيئة العمرانية مثقلة بمهام السياحة والصناعات التقليدية أو تابعة لوزارة الداخلية في حكومة تبون (من 25 ماي 2017 إلى كل الحكومات وربط بها العمران والمدينة. وعلى هذا المستوى المؤسسي نلاحظ على مستوى والعمران والمدينة التي كانت تكلف بها حقيبة وزارية مستقلة وفي ذلك تشتيت للسلطة وصناعة القرار ويدعو إلى التحفظ على إلى الواقع، وإدراجهم في حقيبة وزارية واحد لأكثر فاعلية في صناعة سياسة كما انحصرت التهيئة العمرانية في