مولعين بتشكيل "لجان تحقيق" كلما حمل الفلسطينيون السلاح في وجه الحكم الاستعماري البريطاني والاستيطان الصهيوني. بمن فيهم مسؤولون بريطانيون يقيمون ويعملون في فلسطين، وشخصيات قيادية في المجتمعَين الفلسطيني واليهودي. وقد زارت أربع لجان بريطانية فلسطين في عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته، لجنة وودهيد (1938). وكانت لجنة بيل أبرز هذه اللجان لأنها أوصت في تقريرها النهائي، بتقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما يهودية والأُخرى عربية، وهي المرة الأولى التي تقرّ فيها هيئة سياسية بريطانية رسمياً فكرة قيام "دولة" يهودية في فلسطين بدلاً من فكرة "وطن قومي" يهودي الأكثر محدودية. 000 فلسطيني من منازلهم لفسح المجال أمام قيام الدولة اليهودية الجديدة. أرسلت الحكومة البريطانية لجنة بيل إلى فلسطين رداً على الثورة الفلسطينية الكبرى التي اندلعت في نيسان/ أبريل 1936. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين شاركوا في مقاومة منظمة ضد الحكم البريطاني قبل سنة 1936، وانضم إليها مقاتلون عرب من خارج فلسطين. وكان اللورد بيل الذي ترأس اللجنة قد شغل منصب وزير شؤون الهند في أوائل عشرينيات القرن الماضي. وكان بين أعضاء اللجنة الآخرين اثنان من كبار المسؤولين الاستعماريين هما: لوري هاموند (Laurie Hammond)، ورئيس لجنة ترسيم الحدود الهندية في سنتي 1935 و1936، أمّا الخبير القانوني للجنة فكان هارولد موريس (Harold Morris)، وهو دبلوماسي سابق عمل في القاهرة وطهران. وكان ريجينالد كوبلاند (Reginald Coupland) العضو الأكاديمي في اللجنة وهو أستاذ التاريخ الاستعماري في جامعة أكسفورد، استمعت اللجنة إلى مئات الساعات من الشهادات العلنية والمغلقة (أي جلسات سرية). وكانت المهمة الرسمية التي حُدّدت للجنة قبل مغادرتها لندن هي: التثبّت من الأسباب الكامنة وراء الاضطرابات التي اندلعت في فلسطين في أواسط نيسان/ أبريل؛ بعد تفسير نصوص الانتداب تفسيراً صحيحاً، لكن محاضر الشهادات السرية تكشف أن المفوضين تجاوزوا حدود صلاحياتهم، من الناحية الإجرائية، لم تطلب اللجنة أحداً للإدلاء بشهادته، طالما التزم بإجراءات التقديم والمواعيد النهائية. والتي كانت الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، قد أوضحت أنها لن تتقدم للشهادة أمام لجنة بيل ما لم يتم تعليق الهجرة اليهودية، لكن الحكومة البريطانية لم تلّبِ هذا المطلب، بعد أن أقنعها بذلك كل من الملك عبد الله، وابن سعود (مَنْ كانا يُسمّيان حينها "الملوك العرب") ونوري السعيد. وجمال الحسيني. لكنهم في الوقت نفسه، أعربوا عن قلة ثقتهم بالتزام بريطانيا (المفترَض) "المعاملة العادلة". وانعدام الثقة هذا ناجم عن حقيقة أن توصيات لجان التحقيق البريطانية السابقة لم تؤد إلى ردّ الظلم الأساسي للحكم البريطاني في فلسطين. وقد نُشرت الشهادة الفلسطينية في الصحافة العربية بهدف إطلاع الشعب الفلسطيني الذي دفع قسم كبير منه ثمن التمرد ضد الحكم البريطاني وعانى جرّاء أساليبه الوحشية في القمع، على أقوال قيادته أمام اللجنة. لم يشارك الفلسطينيون في الجلسات السرية، ويعود ذلك إلى أن أسماء الذين شاركوا في الجلسات السرية نُشرت جميعها، ولم تكن القيادة الفلسطينية تريد أن يُنظر إليها على أنها تتفاوض مع البريطانيين خلف الأبواب المغلقة، وعلى النقيض من ذلك، قدم القادة الصهيونيون شهادات غزيرة في الجلسات السرية، بمختلف مراتبهم، وكذلك فعل البريطانيون المقيمون والعاملون في فلسطين من غير المرتبطين بالحكومة. شكلت الجلسات السرية الإطار الذي جرى فيه مناقشة وإعداد تفصيلات التقسيم. من أشد مؤيدي الفكرة، حاكم لواء الجليل (اغتيل في أيلول/ سبتمبر 1937)، مع خريطة مُرفَقة. وقد تمت استشارة الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية بشأن الحدود المرسومة في الخريطة قبل إصدار التقرير، فأُقر الرأي على الموافقة على مبدأ التقسيم، ودانت توصية التقسيم، التي زارت فلسطين سنة 1938، وقررت أنه غير قابل للتنفيذ. لكن بالنسبة إلى القيادة الصهيونية، شكل تقرير بيل دليلاً واضحاً على استعداد البريطانيين (على المستوى الرسمي) لدعم مبدأ الدولة اليهودية في فلسطين. وبعبارة أخرى، 000 فلسطيني، فإنه يمكن اعتبار توصيات لجنة بيل نقطة تحوّل،