وقد شهد العالم ثورة ديمقراطية تمثلت في سقوط معظم الأنظمة الشمولية ، أو في العديد من بلدان العالم الثالث واتجاه ما تبقى من هذه الأنظمة مكرها نحو درجة من درجات الممارسة الديمقراطية ، وظهر جدلا حول نقطة البدء بالإصلاح الديمقراطي : هل تكون من خلال منح هامش واسع من الحرية لوسائل الإعلام ؟ أم من خلال إعادة بناء مؤسسات النظام السياسي . والخبرة المعاصرة توضح أن بعض الأنظمة بدأت عملية الإصلاح الديمقراطي من خلال منح وسائل الإعلام نطاق من الحرية ، في حين اتجه البعض الأخر إلى بناء مؤسساته السياسية على الأسس الديمقراطية ، وأيا كان الخيار فإن التجربة العملية قد أكدت على أن ثمة علاقة بين هذين الخيارين ، أما النظم التي أخدت بالخيار المؤسسي فقد ظهر لديها الحاجة إلى الإعلام الحر لتسيير آلة العمل في هذه المؤسسات وفقا للأساليب الديمقراطية . وقد أدى اتساع رقعة وسائل الإعلام لا سيما التلفزيون إلى زيادة فرص الحصول على المعلومات السياسية ، وتوسيع مدارك الجمهور في أغلب الديمقراطيات الغربية ، وعند مقارنة النظم الديمقراطية بغيرها نجد أنه في اتمعات الديمقراطية لا ينفرد حزب واحد أو جماعة مصالح أو مؤسسة إعلامية في العمل كحارس للبوابة ، فالاتصال يجب أن يكون مفتوحا حتى تتمتع كل المصالح السياسية بفرصة تقديم وجهات نظرها ، فمفهوم الحرية والديمقراطية في النظم الإعلامية يهدف إلى توسيع الملكية العامة ، والدفاع عن الصالح العام والرقابة على السلطة والأجهزة البيروقراطية . أما في النظم غير الليبرالية فإن اتجاه العلاقة فيها محدد ، إذ يسيطر النظام السياسي على النظام الإعلامي ، وليس لوسائل الإعلام أو الإعلاميين في هذه النظم دور خارج نطاق تنفيذهم لهده التوجهات والأهداف ، فالأنظمة غير الديمقراطية في العالم الثالث باستثناءات قليلة تكون فيها وسائل الإعلام خاضعة للسلطة ومنفذة لتوجهاا وملبية لأوامرها ، وساعية باستمرار لخدمة أهدافها ، ولهذا فإن مثل هذه العلاقة أحادية الجانب لا يمكن فيها لوسائل الإعلام أن تقوم بأي دور أو تسهم في أي حدث ، وهو ما ينعكس سلبا على اتجاهات الجمهور نحوها وتصوره لأدوارها حيث تسوق هذه النظم تبريرات شتى للإقناع بأهمية السيطرة على النظام الإعلامي وتوجيهه في الاتجاه الذي يتماشى مع الأهداف الوطنية ، وغيرها من الأهداف التي تبدو في ظاهرها تسعى للحفاظ على قيم الحرية والممارسة الديمقراطية للوطن والمواطن ، وقد عانت كثيرا من دول العالم النامي ومن بينها الدول العربية تحديدا بسبب انحرافها عن مبادي الدين الإسلامي الذي تقوم العلاقة فيه بين الفرد والسلطة على التوازن بين مصلحة السلطة والأفراد على حد سواء ، كما قد تلجأ السلطة إلى تعبئة قطاعات من الجماهير لكسب التأييد لهذه السياسات عن طريق المؤتمرات والاحتفالات العامة والخطب ووسائل الاتصال السياسي ،