ظهر العدوان منذ القدم ولايزال يظهر في وقتنا هذا، بأشكاله المتعددة التي تهدد أمن وسلامة و إستقرار الفرد نفسيا كان أو جسديا، ولقد سجل القرآن الكريم أول عدوان حدث في حياة البشر، وهو عدوان إبني آدم قابيل على أخيه هابيل بقوله تعالى: ﷽» لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ ﴿٢٨﴾ « سورة المائدة 28.ولقد حظي موضوع السلوك العدواني بإهتمام كبير بين علماء النفس والتربية، حيث يعد من القضايا الهامة في المجال التربوي فهو موضوع جدير بالبحث والدراسة حيث يمثـل ظـاهرة باتت واسعة الإنتشار وخاصة في مدارس العالم سواء المتحضر أو النامي وتزداد الشكوى من وجوده في المدارس الإبتدائية كما أنه يهدد النظام التربوي بشكل كبير، ونشير هنا أن التلاميذ الذين يقومون بالسلوك عدواني أو السلوكات الغير مقبول يسببون في حدوث مشاكل إنضباطية في فناء المدرسة أو في الصف وهذا يؤثر في حياتهم الشخصية، وعلى الأخرين وتنعكس على تحصيلهم الدراسي فالمدرسة تسعى إلى مساعدة التلاميذ للوصول إلى مستوى من التحصيل الدراسي ويؤهلهم إلى لعب أدوارهم الإجتماعية الصحيحة.إن المدرسة الإبتدائية هي المكمل الأساسي لتربية وبناء شخصية التلميذ بعد التربية المنزلية فيها يتلقى أول مبادئه وهي عبارة عن مجتمع صغير يؤثر ويتأثر به، ومن هنا يجدر بالمدارس أن ترصد سلوكات التلاميذ من البداية وتتبع تفاعلهم لكي تقيم كل ما هو فاسد وتنمي كل ما هو صالح لأن تلميذ اليوم هو رجل الغد وهو الذي يبنى عليه مستقبل الأمة إما أن يكون مستقيما أو منحرفا أو متهورا أو مغرورا بنفسه أو عنيدا لا يلين للحق.فهناك من يرى أنه يمثل قوة دافعة موروثة تتمثل فى وجود إما ميكانيزمات دافعية فطرية، واما وجود وظائف تنبيهية فطرية تعمل تحت تأثير مثيرات خارجية تؤدي إلى إستدعاء الإستجابات العدوانية، والكل متفق على أنه ليس للتعلم دوره في أداء هذه الاستجابات العدوانية.وهناك إتجاه آخر ينظر إلى العدوان على أنه سلوك إجتماعي يخضع لتأثيرات البيئة والعوامل التي تكمن داخله، وأصحاب هذا الاتجاه متفقون على أن التعلم له دوره في أداء هذه الإستجابات العدوانية، وأن لخبرة الفرد وثقافته والحضارة التي يعيش فيها تأثير أيضا.ص17).ويعتبرالسلوك العدواني أحد المظاهر السلوكية الهامة والخطيرة المنتشرة في المدارس والتي يواجهونها أطراف العملية التربوية من معلمين ومربيين ومشرفين تربويين فوقفة في فناء المدرسة الإبتدائية كفيلة بأن تقنع المشاهد بوجود سلوك غير مقبول بين التلاميذ مع بعضهم البعض أو إتجاه ممتلكات المدرسة أو ممتلكاتهم. وهنا تبرز أهمية المشرف التربوي فهو يعتبر شخصا مهما في البيئة التعليمية و يواجه مشكلات عديدة تتمثل في الإنحراف في السلوك العدواني الذي يحدث بين بعض التلاميذ ومظاهر سوء التكيف الإجتماعي السليم، والتجكم في إنفعالاته، إن هذه المشكلات تحتاج الى أن يلقي قبضته عليها ويحاول ما أمكن إيجاد أساليب الواقية بما أنه الوسيط بين التلاميذ والطاقم الاداري والتربوي وأولياء التلاميذ فهو يفرض النظام والإنضباط.وعلى هذا الأساس فإن دراستنا الحالية ستركز على السلوك العدواني عند التلميذ من وجهة نظر المشرفين التربويين، وللإحاطة بجوانب هذا الموضوع تم تقسيم البحث إلى جانبين جانب نظري وجانب تطبيقي في خمسة فصول، حيث إحتوى الفصل الأول إشكالية البحث وفرضياته وأهدافه وأهميته وكذلك التعريفات الإجرائية، والعوامل المؤثرة فيه، والنظريات المفسرة له وقياسه وعلاجه، وصفاته،ومجتمعها. وأختتمت دراستنا بإستنتاج عام لأهم النتائج المتوصل إليها، مع تقدم بعض إقتراحات التي تخدم المجال التربوي، وفي الأخير تم عرض مختلف المراجع والملاحق التي إعتمدت عليها الباحثتين في إنجاز دراستهما.