صدمة ثقافية كانت حين اردنا ازاحة الطاولات قليلا لنجلس في الوسط، وقتها ابتعدتُ انا وصديقتي قليلا لنفسح المجال للشباب ليقوموا برفع الطاولات والكراسي، نظرت لنا المعلمة الالمانية مستغربة لماذا ابتعدنا ولم نساعد. وأجبرتنا على ذلك حين فهمت اننا لا نساعد لأننا بنات ولم نرفع في حياتنا ما هو أثقل من كرسي صغيرة هذا ليس الحال في المانيا، البلد التي لا تميز بين فتاة وشاب، الجميع مطلوب منه كل شيء بنفس القدر، الفتاة الالمانية بجسمها الرياضي لا تختلف عن الشاب ولا تطلب مساعدته بأي شيء، ولأنتبه فيما بعد، كيف ان الشاب الألماني بينه وبين مصطلح الGentleman سنوات ضوئية، فهو لن يساعدك برفع حقيبتك في الطائرة رغم انه يفوقك طولا ب٣٠ سم ولا في القطار ولا في اي مكان، سيتجاهلك بتجاهل الماني لا يخفى على أحد فهو الشعب الذي لا يخالف اي قانون، ولا يدخل اي مكان غير مسموح له بدخوله، سينتظر الى الأبد الاشارة الحمراء ليسمح لنفسه بقطع ممر المشاة، حتى ولو لم يكن اي احد في الشارع وحتى لو انه يتجمد بردا في بلاد تصل درجة الحرارة فيها الصفر بكل سهولة. هو الشعب الذي لن يقاطعك بأي حال وسينتظرك تنهي كلامك ليقول لك في النهاية انه لم يفهم ما تريد. هو الشعب المؤدب الى درجة مثالية مستفزة، لا في الشارع ولا في الجامعة ولا حتى في حفلة يسمح لك فيها ما لا يسمح بغيرها، اعرف انها صفات يتمناها الكثير، من الامور التي اثارت انتباهي ايضا وربما لا علاقة لها بالمانيا ولكنني جئت صغيرة ولم اسمع في حياتي ان الفتاة مثلا التي لا تحب الطبخ يمكنها ببساطة ان لا تطبخ، بل يمكنها هي وزوجها تحضير وجبات سريعة الى الأبد… وانا التي تربيت ان على الفتاة دائما تحضير الطعام حتى لو كانت تعمل لساعات طويلة واذا اراد زوجها يوما ما في مناسبة ما مساعدتها فيكون زوج رائع لا مثيل له وهم لا يدفعون عن اي أحد لأي سبب، حتى لو ذهبوا مع صديقتهم او زوجتهم للأكل في مطعم ما، ستسمع دائما كلمة الدفع getrennt اي كل واحد لوحده فلا تتوقع ان يدفع عنك صديقك حتى ولو كان كوب قهوة لا يساوي ٢ يورو. وان رفضت مساعدتهم خجلًا فانهم لا يفهمون هذا ولن تسمع عرضهم مرة أخرى. حتى مثلا ان عرضوا عليك الطعام ولم توافق فورًا لباقةً فلا تتوقع الحاحهم كما هو الوضع في ثقافتنا العربية وربما أضيف ان الشعب الالماني متواضع فهم لا يمدحون أنفسهم، فمثلا لو سألتهم ان كانوا يتكلمون الانجليزية، سيجيبونك بأنهم لا يتكلمون سوى القليل منها والحقيقة انهم متواضعون ويتكلمونها بطلاقة نسبيا وهذا الحال عند اجابتهم على اي سؤال. وأنهي حديثي بخجلهم الشديد، خجل شبابهم وبناتهم، وعدم تدخلهم فيما لا يعنيهم،