إن الدولة الأردنية تواجه تحديات وتهديدات داخلية وخارجية تشكل خطراً واضحاً على أمنه واستقراره وهي على درجة عالية من الجدية والأهمية بحيث لا يمكن اغفالها من قبل دوائر التخطيط السياسي الاستراتيجي والأمني ومتخذي القرار في الدولة. وأهمية الاستمرار بحشد الجهود والطاقات الوطنية والبشرية والمادية وتوظيفها التوظيف الأمثل لبناء القوة الذاتية القادرة على الحفاظ على أمن الوطن واستقراره على جميع الصعد من أجل مواجهة التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية. ومن المأمول بناء شبكة من علاقات التعاون والتحالف الإقليمي والدولي بشكل متوازن تضمن تحقيق مصالحه الوطنية العليا. إن توسيع شبكة العلاقات الإقليمية والدولية وتنويعها يشكل ضرورة قصوى إذا ما أخذنا المعاناة الاقتصادية التي يعيشها الأردن منذ عدة سنوات وحالة القفز عنه ومحاولة تهميش دوره المركزي لواقعه الجيوسياسي وخصوصاً تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، غير أن اختلالات الحالة الاقتصادية أحياناً تؤثر بصورة سلبية وتقلل من هامش الحركة والمنارة الدبلوماسية وتضغط باتجاه بقاء الوضع الراهن كما هو، وباختصار فإن إعادة التموضع سياسياً على الصعيدين الإقليمي والدولي مع الحفاظ على العلاقات التقليدية مع دول الخليج العربي يعتبر مطلباً أساسياً في المرحلة القادمة. الفقر وتأثيرهما السلبي على الحالة الاقتصادية أو مشكلة الخلل في التركيبة السكانية وتأثيرها على الموارد الوطنية فالتحديات هي اختبار لقدرة الدولة من أجل التغلب على مشاكلها. وقدرتها للتصدي لكافة المشاكل الداخلية والاتجاه العملي لحلها وانتهااج سياسات متوازنة ومعتدلة تقلل من حالات الاستقطاب المجتمعي وترفع من مستوى الوحدة الوطنية وتعزز الانتماء والولاء للوطن ونظامه السياسي. وعليه فان التحديات على الصعيد الداخلي متعددة ومتشعبه وباختصار شديد يمكن لنا تشخيص الآتي: تضخم الادارة العامة يمنع التوظيف الحكومي لمستويات متدنية لا تزيد سنوياً عن خمسة آلاف وظيفة، وتراجع النمو الاقتصادي يُجذر المشكلة برمتها فهنالك 371 الف طلب توظيف لدى ديوان الخدمة المدنية فقط وتصل نسبة البطالة في الأردن الى ما يقارب 18. والتراجع والانكماش وضعف النمو الاقتصادي لمستويات تصل الى 2% لعام 2018، ثالثاً: ارتفاع اجمالي الدين العام للدولة إذ يصل الى 27. 3% من الناتج الاجمالي المحلي لعام 2017 ناهيك عن حالة التراجع الاقتصادي العام، وأن عمل ضد الوظيفة العامة التي هي ثقة عامة أو علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من السلوك لشخص واحد أو مجموعة من الأشخاص بمعنى خروج الحكم عن رشده، ولعل أخطر ما ينتج عن الفيد هو ذلك الخلل الكبير الذي يلحق بأخلاقيات العمل وقيم المجتمع، وعليه فان البلاد تعاني من حالات فساد كبير معروفة ومنشورة ولا بد من اعلاء سيادة القانون ومحاربة كل من يمارس اي شكل من اشكال الفساد مهما كان المستوى مالياً، أو إدارياً إلى غير ذلك فان مد اليد على المال العام جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات الأردني، وإذ أريد الاصلاح فلا بد من اجتثاثه من بنية المجتمع والادارة العامة والخاصة. خامساً: الزيادة المضطردة في اعداد السكان إذ بلغ عدد سكان المملكة عام 2017 نحو 9. 026 مليون مواطن علماً بأن عدد السكان عام 2011 كان 7. اليمن وليبيا إذ يوجد على الأرض الأردنية ما يقارب 43 جنسية عربية وأجنبية ويشكل السوريون 1. هذا وبلغت مجمل القضايا المضبوطة في المخدرات ما يقارب من 14 ألف قضية بين اتجار وتعاطي لعام 2017. سابعاً: الجرائم على مختلف أنواعها التي تقع على الإنسان والممتلكات بلغت عام 2015 ما يقارب 24244 جريمة وهي في ازدياد. ففي عام 2016 وقع (144521) ألف حادث نتج عنه 10835 اصابة بشرية وبلغ عدد الوفيات (750) شخص وعدد المصابين 17429 اصابة وتكلفة مادية وصلت إلى 323 مليون دينار أردني. من الظواهر التي تنخر في بنية المجتمع الأردني إذ تؤدي لاغتصاب الحقوق والاعتداء على حقوق من يستحقون وتقضي على العدالة الاجتماعية والمساواة وهما من أخطر أنواع الفساد. وهذا التحدي يشكل الهاجس الأكبر للدولة التي تحاربه بكل الإمكانيات المتاحة، هذا تشخيص عام للعديد من التحديات التي تواجه الأردن لكن الحلول تحتاج إلى رؤى وأفكار ذات طابع عملي يتناسب مع الامكانيات مثل اقدرة الاستخراجية والتنظيمية، وربط التعليم بسوق العمل والتوجه نحو المشاريع الرأسمالية الكبرى لتشغيل جيش العاطلين عن العمل والاستمرار في عمليات الاصلاح السياسي واعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة الديموقراطية في البلاد، وأخيراً وليس آخراً اعادة النظر في منظومة القيم الاجتماعية وتحديثها بما يتناسب مع العصر وحالة الوعي السياسي العام لدى أبناء الشعب الأردني واعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة برمتها، ووسائل التواصل الاجتماعي اتسعت لدرجة كبيرة وانتشرت لدى الجميع، واستخدامات الحرب النفسية في الاشاعات وفبركة الأخبار والصور تؤثر تأثير مباشر على حياة المجتمع وتُحدث ارباكاً واختلالاً هائلاً في العلاقات العامة. ومن المعروف أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي أعد العديد من التقارير عن حالة البلاد في مختلف القطاعات وعليه لا بد من أخذ هذه الدراسات العلمية والموضوعية بعين الاعتبار لصنع السياسات العامة في الدولة والاستفادة منها في عملية اتخاذ القرار لأنها نجمت عن حوارات علمية، متخصصة وذات قيمة عالية من قبل المتخصصين.