- فى هذه المرحلة فسر العلماء السلوك البشرى ومدى علاقته بالبيئة الطبيعية، فالذكاء والمهارات الفنية لها علاقات وثيقة بالمناخ مثلا. ‎ويمثل هذه المرحلة أرسطو الذى تناول بالدراسة الدولة المثالية، ووحدة الدولة من خلال كتابه عن (السياسة)، فهو يرى أن الاعتبار السياسي يلعب دورا كبيرا في تحديد حجم السكان الأمثل للدولة المثالية من أجل تحقيق الرفاهية لكل فرد في المجتمع، فينبغي ألا يكون عدد السكان كبيرا يصعب حكمه، أو صغيرا بحيث يستضعف. كما يرى أن نجاح الدولة يتوقف على استغلالها لمواردها لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن عاصمة الدولة يجب أن تجمع بين مزايا الدفاع وبين خدمتها لجميع أطرافها. كما ناقش أيضا وظائف الدولة والحدود السياسية، وهذا ما تهتم به الجغرافية السياسية بعد استقلالها حاليا. ‎•ولكن الاهتمام بالمسائل الدينية في عصور الظلام صرف العلماء عن الاهتمام بالجغرافية عموما، شأنها شأن العلوم الأخرى، وبذلك لم تتقدم كثيرا ولم تقدم فكرا جديدا خلال هذه المرحلة، وقد تناول أفلاطون(- في كتابه عن (الجمهورية) بعض الموضوعات التي ترتبط بالجغرافية السياسية، حيث كان يرى أن (المدينة الدولة) هي الشكل المناسب للسكان، كما أشار إلى نشأة الدولة وأن وحدتها تتحقق من خلال ترابط سكانها وتجمعهم قد برز من العرب ابن خلدون (١٣٨٢ -١٤٠٥ م) عندما تناول ما يرتبط بالجغرافية السياسية في مقدمته، حيث أشار إلى القبيلة والدولة والصراع بين البدو والحضر، كما ناقش نشأة الدولة وعوامل انهيارها وأثر السلالة في تكوين الدولة، وكما ورد في كتابات ابن بطوطة في وصفه لمدن غرب أفريقيا، ولا شك أن هؤلاء كانت كتاباتهم تتضمن فكرا جغرافيا سياسيا فيما يكتبون. ‎•وقد برزت الجغرافية السياسية من خلال الربط بين أثر الظروف الجغرافية في نظام الحكم والنشاط البشرى للشعوب وميلها للحرية أو الخضوع، كما يبدو من كتابات (بودن) في القرن السادس عشر الميلادي الذى كان يرى أن شكل الجمهورية ينبغي أن يتطابق مع صفات البشر. وكذلك (منتسكيو) الذى يرى أن هناك صلة بين المناخ والقدرة على التنظيم والعدوان، والذى أشار في كتابه (روح القوانين) إلى أثر كل من المناخ وسطح الأرض على حياة الشعوب والقوانين والنظم السياسية، فقد ذكر أن المناخ البارد يرتبط بالحرية السياسية، أما المناخ الحار فيؤدى إلى العبودية والحكم المطلق، كما أن السهول الفسيحة تسمح بتكوين الإمبراطوريات،