كل مقومات الاستقلال والنظام الدستورى الذى كان معمولا به قبل احتلال بريطانيا لمصر في عام ۱۸۸۲ ، وأصبحت مصر تحت وطأة حكم استبدادي . وفي أواخر عام ۱٩١٤ شهد الشعب المصرى اندلاع الحرب العالمية الأولى في وقت كان يحلم فيه بتنفيذ إنجلترا لوعودها في الجلاء ، فرأى بعينيه تفاقم الاحتلال وزيادة نفوذ إنجلترا في مصر ، حينما أعلنت بريطانيا فرض الحماية على مصر في ۱۸ ديسمبر من العام ذاته ، فساء مركز مصر السياسي ، ومن ثم زاد سخط المصريين تجاه بريطانيا حينما مضت في فرض إجراءاتها العسكرية في مصر طوال فترة الحرب ، والتي وقعت على عاتق المصريين وأسهمت في زيادة كرههم ومقتهم لها ، وإزداد الأمر سوءا بعد انتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ، ورغم ذلك فقد استمرت في فرض حمايتها على مصر وأنكرت دور مصر في دعمها لهم في هذه الحرب ، فقد كانت مصر قاعدة حربية البريطانيا وحلفائها طوال فترة الحرب ، بالإضافة إلى استخدام المصريين أنفسهم في خدمة الجيش البريطاني ، وقد أنكر ذلك كله السير ريجالند وينجت في مقابلته للزعماء المصريين الثلاثة في ۱۳ نوفمبر عام ۱۹۱۸م ؛ حيث قال لهم : " إن المصريين هم أقل الأمم تألما من أضرار الحرب، ظلت بريطانيا على هذه الوتيرة تصم أذانها عن الاستماع إلى المطالب الوطنية ، باشتراك مصر في مؤتمر الصلح المزعم عقده بين البلاد المتحاربة ، هذا فالوقت الذي جاءت فيه الأنباء بموافقة الدول الكبرى على وفود من الهند والحجاز وسوريا ، وغيرها بالسفر إلى المؤتمر وذلك لتمكين بلادها من الدفاع عن حقوقها في المؤتمر ، وحرمت مصر من ذلك فاتضح الأمر جليا أن بريطانيا تضمر سوء نية لبلادهم ومصيرها السياسي بعد الحرب . بالإضافة إلى ذلك كله فقد كان رجال السلطة البريطانية يفعلون عدة مظالم لدى الشعب المصرى ، فمنذ إعلان الحرب في أوروبا وبريطانيا تستخدم كل موارد مصر المالية والبشرية لصالح المصالح الاستعمارية ؛ حيث سنت ونفذت سياسة التطوع الإجباري لتجنيد الأهالي من العمال والفلاحين فالجيش البريطاني، وكانوا يؤخذون من بيوتهم وحقولهم كرها ويربطون بالحبال ويساقون كالأنعام ، ويقام عليهم الحراس وينقلون بالقطارات ، ولم يقتصر الأمر على ذلك ؛ بل استجابت الحكومة المصرية لطلب القائد العام للجيش البريطاني في عام ۱۹۱٦ ، وذلك للقيام بأعمال تشييد الطرق وخطوط السكك الحديدية في صحراء سيناء وفلسطين أو العراق أو فرنسا أو البلقان. وكانوا يعاملون بأشد أنواع القسوة ، علاوة على ذلك فكانت بريطانيا أثناء فترة الحرب العالمية الأولى تستنفد قوى الفلاح المصرى ؛ وحبوبه ،